داني حداديبدو أن الاستحقاق الانتخابي أصبح القشّة التي ستقصم ظهر حزب الرامغفار الأرمني الذي تأسّس في عام 1921. فالحزب الديموقراطي الليبرالي الأرمني، يشكو اليوم من انحسار الديموقراطيّة فيه ومن حكم شخصٍ واحد يسيطر على مقاليد الحزب ومؤسساته، كما أعلن 94 عضواً في الحزب اجتمعوا أواخر الأسبوع الماضي، في نادي بايكار في برج حمود، وطالبوا بإقالة النائب هاغوب قصارجيان من الهيئة التأسيسيّة للحزب والحؤول دون ترشحه للانتخابات النيابيّة المقبلة كممثّل عن حزب الرامغفار. ويعيد المعارضون بداية الخلل في الحزب إلى إنشاء قصارجيان هيئة تأسيسيّة للاستحصال على علم وخبر في عام 2004، فجمع فيها المقرّبون منه مثل صهره الدكتور كيفورك بابازيان، فاركيس أورتشليان، اردافاست ملكيسيتيان ومايك خرابيان، بالإضافة إلى قصارجيان نفسه. ويرى المعارضون في الرامغفار أن قصارجيان، الذي انتخب نائباً للمرة الأولى في عام 2000، «اعتمد سياسة الخطوة خطوة للقبض على مؤسسات الحزب، فتمدّد نفوذه إلى اللجنة التنفيذيّة التي يرأسها الدكتور افيديس داكسيان، وسعى إلى تحقيق استقلاليّة للحزب عن اللجنة المركزيّة التي تتخذ من الولايات المتحدة الأميركيّة مقراً لها».
ويؤكد مصدر في حزب الرامغفار أن الحزب الأرمني العريق «وصل إلى حالة مزرية خلال الفترة التي شهدت تصاعد نفوذ قصارجيان». ويطالب المصدر، باسم 128 شخصاً وقّعوا على بيان المعارضة بقيام اللجنة التنفيذيّة للحزب بواجباتها بالدعوة إلى انتخابات للهيئة العامة يجري من خلالها انتخاب الهيئة التأسيسيّة واللجنة التنفيذيّة الجديدة.
ويتحدث معارضو قصارجيان عن عنصر المال الذي كان أساساً في سيطرة النائب الأرمني على الحزب، وخصوصاً عبر الدعم المادي الذي يحصل عليه قصارجيان من مستشار النائب سعد الحريري للشؤون الأرمنية آرا سيسيريان، ما جعل الحزب، برأي هؤلاء، رهينة في قبضة الثنائي قصارجيان ـــــ سيسيريان ومن خلفهما الحريري.
ويعتبر الرامغفار الحزب الثالث بين الأحزاب الأرمنية الناشطة في لبنان، من حيث الانتشار الشعبي، بعد حزبي الطاشناق والهنشاك، وهو يملك جريدة «زارتونك» اليوميّة وأندية عدة ومدرسة تيكيان في برج حمود. إلا أن «زارتونك» أو النهضة التي كانت تصدر يوميّاً، توقفت عن الصدور لفترة سنة وثلاثة أشهر ثم عاودت الصدور أسبوعيّاً، وذلك بسبب خلافات بين قصارجيان ورئيس تحريرها السابق باروير اغباشيان لإصرار الأول على عدم نشر ما يخالف توجيهاته الشخصيّة. أما أبرز مؤسسات الحزب فهي جمعيّة «تيكيان» الثقافيّة التي تملك مبنى في منطقة الجميزة يضمّ مقر الحزب والصحيفة، ويخشى المعارضون داخل حزب الرامغفار قيام قصارجيان ببيع هذا المبنى إذا نجح في مسعاه لترؤس مجلس الجمعية، كما كان وسيطاً في السابق في بيع مركز أليكس مانوكيان التابع للجمعيّة الخيريّة العموميّة الأرمنيّة في حي الوتوات.
وتعاني مدرسة «تيكيان» شبه المجانيّة من أزمة مالية حادّة. ويرسم المعارضون في الحزب علامات استفهام على مصير مبالغ مالية أرسلت لدعم المدرسة ولم تُصرف وتسدّ حاجاتها، ومنها مبلغ 119 ألف دولار من مؤسسة كيرك كيركوريان. كما يؤكدون أن قصارجيان مارس ضغوطاً على أعضاء الهيئة التعليميّة الذين ينتسبون إلى الرامغفار في المدرسة للمشاركة في الجمعية العمومية للحزب من دون أن يتمكّن من جمع أكثر من 40 شخصاً، بينهم مجموعة أرسلها الفريق المعارض للاطلاع على تفاصيل اللقاء.
كذلك يلفت المعارضون إلى تراجع الحضور السياسي للحزب على المستوى اللبناني «بسبب اختصار الحزب في شخصٍ واحد يخالف النظام الداخلي للحزب ويحتكر التكلّم باسمه، معتمداً على اللجنة التنفيذيّة غير الشرعيّة لأنّها معيّنة». ويحمّل هؤلاء قصارجيان مسؤوليّة شلّ الحزب مالياً لكي يحصر الدعم المادي بالنائب الحريري عبره. وتجدر الاشارة إلى تأكيد المعارضين أن خلافهم مع قصارجيان ليس بسبب توجّهه السياسي، بل بسبب سلوكه الداخلي في الحزب والتجاوزات التي يرتكبها، ما يفقده الأهليّة، برأيهم، لتمثيل الحزب في الانتخابات النيابيّة أو في المعاملات الرسميّة لدى الدولة اللبنانيّة من خلال مشاركته في الهيئة التأسيسيّة. ولهذه الغاية يطالب المعارضون النائب الحريري بإعادة النظر في ترشيحه للنائب هاغوب قصارجيان «الذي لا يمثّل حزب الرامغفار».
أما عن الخطوات المستقبليّة لحركة المعارضة داخل حزب الرامغفار، فيشير أحد الناشطين في هذه الحركة إلى أنّه سيُرفع بيان موقّع من 128 عضواً في الحزب إلى اللجنة المركزيّة في الولايات المتحدة الأميركيّة، علماً بأن من بين الموقّعين أربعة رؤساء لجان تنفيذيّة سابقين. كما يصرّ على أن المعارضين سيذهبون حتى النهاية في معارضتهم بهدف الحؤول دون ترشيح قصارجيان إلى الانتخابات النيابيّة المقبلة والعمل على فصله من الحزب.