داني حدادوفي ظلّ معلومات تتردّد عن وقوف السعودية وتيّار المستقبل وراء تمويل “أقليّة شيعيّة معارضة”، فإن معلومات أخرى تؤكّد وجود شركاء لهما في التمويل، في طليعتهم “التجمّع القومي الموحد” الذي يترأسه نائب الرئيس السوري السابق رفعت الأسد.
يقول مصدر أمني إن رفعت قد اتسع نشاطه السياسي في لبنان بعد الانسحاب السوري عام 2005، وموّل عبر ابنه ريبال بعض الشخصيات الشيعيّة، إضافةً إلى تيّارات شيعيّة ناشئة، ويتحدّث المصدر عن علاقة وثيقة تربط ريبال الأسد برئيس «التيّار الشيعي الحر» الشيخ محمد الحاج حسن، وقد استقبله الأخير أكثر من مرة في مكتبه في النبعة شرق بيروت، واتفقا على بعض التحركات الهادفة إلى استقطاب مواطنين شيعة إلى التيّار، منها توزيع مناشير على مداخل الضاحية الجنوبيّة. إلا أن هذه التحركات جُمّدت بعد أحداث السابع من أيّار التي أدّت إلى تقليص نشاط ريبال الأسد في الأوساط الشيعيّة وتركيزه على الأوساط العلويّة عبر تمويله “جمعيّة الفرسان”.
لكنّ ذلك لم يمنعه من تعيين الحاج حسن، الذي زاره أخيراً في مصر، مديراً لمكتب بيروت الخاص بمحطّة ANN التلفزيونيّة التي يملكها، ولو أن رئيس التيّار الشيعي الحر لم يتمكّن من حصر تعامل ريبال مع “المعارضين الشيعة” به، وخصوصاً في ظلّ معلومات عن دعمٍ يلقاه الشيخ علي زعيتر «رئيس التيّار الشيعي الموحد»، الذي لا يتجاوز عدد أعضائه عدد أصابع اليد الواحدة وفق المصدر الأمني نفسه، بعد تعثّر علاقة الأخير بتيّار المستقبل الذي أوقف عنه الدعم المالي.
وتضيف المعلومات إن ريبال الأسد يبحث عن فيلا لشرائها في كسروان أو جبيل ليقيم فيها عند زيارته لبنان، وهذا البحث يجري عبر أحد مسؤولي “جمعيّة الفرسان” نوّار علي عبّود، وهو سوري من مدينة طرطوس يتولّى إدارة بعض الأعمال السياسيّة للأسد من مكتبه قرب معرض رشيد كرامي في طرابلس. علماً أن عبّود ينوي الانتقال أيضاً من مكان إقامته في بلدة برسا الكورانيّة “خوفاً من تعرّض أنصار الحزب السوري القومي الاجتماعي له”.
ويقوم عبّود بمهمّة التنسيق مع الشيخين محمد الحاج حسن وعلي زعيتر، ومع فادي ضاحي من الطائفة العلوية لاستقطاب أبناء الطائفة المحسوبين على النائب السابق علي عيد، ومع محمد ضرغام مسؤول «حركة الناصريين الأحرار». وتجري محاولات استقطاب العلويين عبر توزيع إعاشات دوريّة وفق قوائم رسميّة تملكها “الفرسان”، إضافة إلى دورات تعليميّة مجانيّة. وكان الظهور الأوضح للجمعيّة عام 2007 عبر مهرجان أقيم في فندق “كواليتي إن” في طرابلس ألقيت خلاله كلمات، إحداها للشيخ محمد الحاج حسن، وأشاد فيها برفعت الأسد.
وتعتبر “جمعيّة الفرسان” استمراراً لـ«الفرسان الحمر» التي كانت ميليشيا مسلحة تابعة لرفعت الأسد وناشطة في الشمال اللبناني. وتنتمي الجمعيّة، ومعها كل التجمعات الآنفة الذكر، إلى “التجمع القومي الموحد” الذي يترأسه رفعت الأسد، ويتولّى المسؤوليّة التنفيذيّة فيه ابنه ريبال، علماً أن معلومات أشارت إلى تحضيرات يقوم بها التجمع لإقامة مهرجان خطابي في الأونيسكو. كما يتوقّع أن تسعى الجمعيّة إلى ترشيح شخصيّة مقربة منها في الانتخابات النيابيّة على اللائحة التي يدعمها تيّار المستقبل في ظلّ العلاقة السيئة بينها وبين النائبين العلويين مصطفى حسين وبدر ونّوس.
في المقابل، تشير مصادر معطوف عليها في دمشق إلى اطمئنان سوري لعدم وصول هذا النشاط إلى نتائج مهمّة رغم الدعم المادي. وتلفت إلى مسعى قامت به دولة عربيّة لتوحيد جهود كل من رفعت وعبد الحليم خدّام والإخوان المسلمين في جبهة معارضة واحدة، إلّا أن هذه المساعي التي شارك في جانب منها مسؤول أمني سابق محسوب على الأكثريّة النيابيّة لم تصل إلى هدفها بسبب رفض قواعد الإخوان المسلمين التعامل مع “رمزَي ضربها عسكريّاً في سوريا” من جهة، وعدم وجود غطاء أميركي لها.
وتلفت المصادر إلى أن “أبرز دليل على أن الغالبيّة العلويّة الساحقة تؤيّد السلطة في سوريا هو اضطرار النائب سعد الحريري، الزعيم السنّي الأول في لبنان، ورئيس الأكثريّة النيابيّة، إلى الجلوس في غرفة واحدة مع النائب السابق علي عيد وابنه رفعت».