داني حدادويُجمع المسؤولون في حزب الطاشناق علناً، والمسؤولون في الأحزاب الأرمنيّة الأخرى سرّاً، على أن «آرا سيسيريان غير مؤهّل لتولّي الملف الأرمني، وظهر هذا عبر إخفاق المستقبل في تحقيق خرق داخل الطائفة الأرمنيّة يتناسب مع المبالغ الماليّة والمساعدات التي قدّمت إلى شخصيّات وأحزاب أرمنيّة لكسر تمثيل حزب الطاشناق الأكثريّة الشعبيّة لدى الأرمن».
وتعدّد المصادر الأخطاء التي ارتكبها سيسيريان، وآخرها في انتخابات المتن الفرعيّة، إذ موّل المستقبل حركة «الأرمن الأحرار»، المعارضة للطاشناق، عبر فتح مكتبٍ لها في برج حمود واجتذاب شبّان للعمل في شركة أمنيّة ومحال تجاريّة في برج حمود وضواحيها، فانعكس ذلك إقبالاً على الاقتراع رغم عدم وجود مرشح أرمني، كرد فعل على تصرف المستقبل.
وتذكّر المصادر بضعف المشاركة الشعبية للأرمن في تظاهرة 14 آذار 2005، وما تلاها، مما يفسّر إخفاق حزبَي الهنشاك والرامغافار في استمالة الأرمن إلى 14 آذار، علماً بأن الغالبيّة الأرمنيّة تلتقي، وفق المصادر نفسها، مع شعاراتها ولكنّها تختلف مع بعض رموزها.
ومن الأمور السلبية أيضاً، عجز نواب الأرمن ضمن فريق الحريري عن تعيين سفير أرمني اقترحه الوزير جان أوغاسبيان وهو هوفيك نرسيسيان الذي يدعمه آرا سيسيريان. فسقط اقتراحه واختير آخر سمّاه الرئيس السابق إميل لحود بناءً على اقتراح الطاشناق.
وعندما أثيرت قضيّة انضمام قوات تركية إلى «اليونيفيل» نظّم الأرمن تظاهرة احتجاجية، بينما التزم النوّاب الأرمن في المستقبل الصمت، كما التزموا «قرار الحكومة في هذا الشأن».
وتشير المصادر المطّلعة على الملف الأرمني إلى أن التعامل مع الحضور السياسي الأرمني في الحياة السياسيّة اللبنانيّة يتمّ من زاويّة ضيّقة، وخصوصاً من سيسيريان الذي يتعامل بكيديّة، ولا سيما مع حزب الطاشناق، انطلاقاً من ثأر شخصي وظّفه سياسيّاً، وهو أمر لم تستسغه حتى الأحزاب الأرمنيّة الأخرى التي يجد مسؤولون فيها أن التعامل مع الأرمن يتجاوز التقاليد والأصول المتعارف عليها داخل المجتمع الأرمني، حيث أشار مسؤول في حزب أرمني موالٍ إلى «أن سياسة الإعاشات غير قابلة للترجمة انتخابيّاً لدى الأرمن».
من جهة أخرى، يتوقّع أن تكون صورة الترشيحات الأرمنيّة قد اكتملت لدى فريق الحريري على الشكل الآتي: النائبان يغيا جرجيان وسيرج طورسركيسيان في دائرة بيروت الأولى، والنائب هاغوب قصارجيان في دائرة بيروت الثانية، على أن يترك المقعد الثاني شاغراً تطبيقاً لاتفاق الدوحة. لذلك، سينتقل ترشيح الوزير جان أوغاسبيان إلى المتن، وهو أمر يجده البعض «تفريطاً» به نظراً لصعوبة فوزه في بيروت الأولى. كذلك سيرشّح ناريك ابراهاميان، رئيس حركة «الأرمن الأحرار»، في البقاع الأوسط.
يرى أحد المراقبين للواقع السياسي الأرمني أن أوغاسبيان «أخرج من سربه» عبر ترشيحه في المتن، حيث افتتح مكتباً انتخابيّاً على أوتوستراد الدورة، بسبب عدم تواصله مع أبناء المنطقة الأرمن وغير الأرمن على السواء. كما يؤخذ على قصارجيان إخفاقه في إدارة حزب الرامغافار، مما انعكس انقساماً داخله. أما جيرجيان فيكاد يكون غائباً كليّاً عن التواصل مع القاعدة الأرمنيّة. ويروي المراقب نفسه أن علاقة طور سركيسيان سيّئة بالكثير من الفعاليات السياسيّة والروحيّة الأرمنيّة، ويؤخذ عليه عدم التزامه قضايا الطائفة ومدافعته عنها. أما ابراهاميان، المرشح المتوقع في زحلة، فسيحلّ محلّ المرشح السابق الدكتور انطوان ناشاناقيان الذي استبعده آرا سيسيريان رغم تأييده لـ 14 آذار، وقد حال الأخير دون حصول ناشاناقيان على موعد للقاء النائب الحريري.
ويختم المراقب بالتأكيد أن أخطاء تيّار المستقبل مع الأرمن مرشحة للتفاقم إذا لم يُعد النائب الحريري النظر في أسماء مرشحيه الأرمن «لينبثقوا من القاعدة الشعبيّة الأرمنيّة بدل أن يُفرضوا عليها».