ينتظر أن يكون اليوم الثلاثاء مفصلياً في شأن مشاورات نواب طرابلس والقوى السياسية فيها، لوضع التوافق السياسي الذي ساروا فيه موضع التنفيذ، فإما أن يختاروا الرئيس التوافقي للبلدية، أو يمدّدوا فترة المشاورات وقتاً إضافياً، أو أن يصل الجميع إلى حائط مسدود تكون المواجهة الإنتخابية عندها هي خيارهم الوحيد.وفي هذا الإطار كشفت مصادر مقربة من نواب المدينة الذين سيجتمعون اليوم في دارة النائب أحمد كرامي، كما جرت العادة، أن "حظوظ المرشح عزام عويضة المقرب من الرئيس نجيب ميقاتي تتقدم على الآخرين، وتحديداً عبد الرحمن الثمين وعمر الحلاب. والثلاثة هم الذين خيّر ميقاتي بقية القوى السياسية بين أحدهم، أو خوض مواجهة إنتخابية في المدينة".
وأوضحت المصادر أن الحلاب، الذي "كانت حظوظه متقدمة على الآخرين، قوبل برفض لافت في الشارع الطرابلسي جعل أسهمه تتراجع، كما أن الثمين وضع عليه فيتو كل من تيار المستقبل والنائب محمد الصفدي، فلم يبق في الميدان إلا عويضة، الذي لوّح ميقاتي بأنه إذا لم يجرِ اختياره فإنه ذاهب الى مواجهة إنتخابية".
ورأت المصادر أن عويضة "كان منذ البداية المرشح الفعلي لميقاتي، الذي طرحه من ضمن ثلاثة أسماء ضمته إلى الثمين والحلاب، وأنه قام بمناورة ذكية جعل الأسماء الأخرى تسقط تباعاً، قبل أن يضع القوى السياسية أمام خيار وحيد هو مرشحه".
وسُجّلت في الساعات الأخيرة سلسلة مفاجآت جعلت التوافق على عويضة ممكناً، إذ نقل عن الصفدي والوزير السابق فيصل كرامي عدم معارضتهما التوافق حوله، وكذلك النائب محمد كبارة، لكن المفاجأة الأكبر جاءت من الوزير أشرف ريفي الذي نقل أحد نواب المدينة عنه أنه "لا يمانع إختيار عويضة إذا جرى التوافق عليه".
وإذا جرت الرياح كما تشتهي سفن التوافق الطرابلسي، فإن نواب طرابلس سيعلنون اليوم تسمية عويضة، وسيكلفونه تأليف لائحة يختارها بنفسه، ضمن مهلة محددة، على أن يكون لهم حق وضع الفيتو على أي إسم يرد فيها، إلا إذا برزت بعض العراقيل في اللحظات الأخيرة تجعلهم يحتاجون إلى وقت إضافي من المشاورات، برغم ضيق الوقت، وفي حال تعثر التوافق فإن المواجهة الإنتخابية واقعة لا محالة.
وفيما لم يفصح تيار المستقبل عن موقفه مما يحصل، أشارت مصادر في التيار الأزرق لـ"الأخبار" الى أن "الأنظار موجهة حالياً إلى بيروت، وبعدها سنتخذ موقفنا مما يجري"، وهي إشارة فسرت على أن تيار آل الحريري "يترقب نتائج الإنتخابات في العاصمة، وعلى ضوئها سيحدد موقفه إما تصعيداً وتشدّداً إذا حقّق نجاحاً كبيراً، أو مهادنة وسعياً إلى تسوية تحفظ ماء وجهه إذا أصيب بنكسة". ولا شك بأن النتائج الهزيلة التي حصدها الحريري في بيروت ستقوّي موقف ميقاتي في طرابلس.
وتترافق هذه الأجواء مع إعلان مرتقب اليوم للنائب السابق مصباح الأحدب ترشحه للإنتخابات البلدية في طرابلس، على رأس لائحة مكونة من 18 عضواً، وسط ترقب أن يعلن ناشطو المجتمع المدني لائحتهم في غضون أسبوع على الأكثر.
لكن أوساطاً مطلعة رجّحت أن يكون خيار التوافق هو المرجّح، مستندة في ذلك إلى الدعوة التي وجهها السفير السعودي في لبنان علي عواض العسيري للفاعليات السّنية السّياسية في لبنان، من مختلف الأطياف، للإجتماع في منزله في 20 أيار الجاري، قبل 9 أيام من إنتخابات طرابلس والشمال وعكار، وأن هذا اللقاء "الذي سيجمع الحريري وميقاتي وجهاً لوجه لأول مرة منذ قرابة خمس سنوات، سيكون تتويجاً لتوافق سيجري إرساؤه في طرابلس وغيرها من المناطق اللبنانية".
وأوضحت الأوساط أن "خيار التوافق بات الجميع مقتنعاً به، لأنه يجنب المدينة مواجهة إنتخابية قاسية هي في غنى عنها في هذه الظروف، ومن شأن ذلك أن يعيد التوتر إليها مرة ثانية، كما أن التوافق يحفظ تمثيل الأقليات العلوية والمسيحية في المجلس البلدي، لأن أي مواجهة إنتخابية ستقلل كثيراً حظوظ هذا التمثيل، لمصلحة قوى وجماعات إسلامية (كالجماعة الإسلامية، السلفيين وحركة التوحيد الإسلامي وغيرها) ترى في المواجهة الإنتخابية فرصة للدخول إلى بلدية المدينة، وهي تبدو أنها المتضرر الأكبر من التوافق الذي يلحظ لها تمثيلاً رمزياً وهامشياً في البلدية".