«مشايخ» الفايسبوك وتويتر نظّموا أبيات شعر تهاجم الراحل!
مقالات مرتبطة
-
النظام الأردني يغتال ناهض حتر إبراهيم الأمين
في الإطار عينه، كان لافتاً ردّ فعل كثيرين من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي: «نصيبه» و«جزاته» و«هيك بيستاهل» أو «كان يؤيد قتل بشار لأطفال ونساء سوريا» أو «أي واحد يموت يصبح شهيد بنظر الأغبياء! نصراني تطاول على الله، وكان مع سفك دماء الأبرياء في سوريا واليوم يسفك دمه». كانت هذه الجمل المثيرة للاشمئزاز تأتي تعليقاً على الاغتيال. لم تكن هذه التعليقات من جانب «إسلاميين»، بل من أشخاص تمتلئ صفحاتهم بصورٍ لفنانين، وبعضهم لا يضع صوره، بل صوراً لفنانين أتراك ومغنين ومغنياتٍ عرب. اللافت أكثر أنَّ معظم المعلقين «لم يشاهدوا» رسمة الكاريكاتور التي اغتيل لأجلها حتّر، بل إن كثيرين منهم رفضوا بشكلٍ قاطع مشاهدتها، مؤكدين بحسب أحدهم: «طالما إنه سبّ الله فلازم ينعدم». مشهدية تذكرنا بمحمد ناجي محمد مصطفى الذي حاول اغتيال «عميد الرواية العربية» نجيب محفوظ عام 1995. يومها، سأله القاضي لماذا حاولت اغتياله، هل قرأت كتبه؟ ليجيبه القاتل: «أنا لا أجيد القراءة والكتابة، كل ما أعرفه أنه خارج عن الملة ويسبّ الدين في روايته «أولاد حارتنا»». هذا القطع والاستسهال في عملية «الحكم بالموت» على أحد ما، يبدو أنهما سيكونان عنواناً لكثيرٍ من الأحداث في الوطن العربي. ولم يكن «المثقفون» مثلاً مختلفين عن «جمهورهم». مثلاً، قال سلطان العامر (كاتب في «العربي الجديد» وطالب علوم سياسية في «جامعة جورج واشنطن») على صفحته: «من أكبر شبيحة ومبرري جرائم نظام الأسد: اغتيل اليوم. يجب أن نتذكر عند إدانة اغتياله أن لا نحوّله إلى بطل، فهو لا يختلف كثيراً عن قاتله». طبعاً كل هذا فضلاً عن «مشايخ» الفايسبوك وتويتر، كالشيخ حامد العلي الذي كتب أبيات شعرٍ تهاجم الراحل لـ«شتمه الذات الإلهية». بدوره، أكد عبد الصمد ناصر (إعلامي مغربي من قناة «الجزيرة») عبر صفحته على «مسيحية» حتّر، غامزاً من المنطق «الطائفي» نفسه إلى استدعاء الراحل للمحاكمة لـ«نشره كاريكاتيراً يمس بالذات الإلهية وأفرجت عنه في 8/9/2016 بكفالة». في الوقت عينه، وبعد شيوع خبر الاغتيال، انتشر على مواقع التواصل (خصوصاً تويتر) هاشتاغ «#ناهض_حتّر» في إشارة إلى عملية الاغتيال، ولكن كان ملاحظاً انتشاره بالإنكليزية أكثر من العربية.
وكان حتّر الذي نشر قبل وقتٍ (تحديداً في 13 آب الماضي) على صفحته الخاصة صورةً اعتبرها المتطرفون «مسيئة للإسلام»، قد وجد نفسه ضحية حملةٍ منظمةٍ لا تنتهي من الضغوط على مواقع التواصل، ما دفعه إلى إصدار بيانٍ شرح فيه أنه لم يكن يقصد الإساءة إلى الأديان، أو إلى الذات الإلهية، بل أراد أن «يسخر من الإرهابيين وتصوّرهم للرب والجنة، ولا يمس الذات الإلهية من قريب أو بعيد، بل هو تنزيه لمفهوم الألوهية عمّا يروّجه الإرهابيون». لكن الأمر لم ينته عند هذا الحد، بل تحوّل لاحقاً إلى دعوى قضائية لم تلبث أن قادته إلى المحكمة التي اغتيل على أدراجها. في الختام، يأتي الاغتيال على أدراج المحكمة عملاً «مقصوداً» و«رمزياً» إلى حدٍّ كبير، في رسالةٍ واضحةٍ إلى أن القتلة أيديهم طويلة ولا يهتمون بالقانون مهما كان ولا يعترفون به، وهذا الأمر لا يدعو إلا إلى مزيدٍ من الحزم مع قضايا تمسّ الحريات قبل أي شيءٍ آخر.