عكار | استفاقت قرى وادي خالد أمس على غير ما أمست عليه، وربما ستعتاد مشهداً حدودياً مختلفاً عمّا ساد طوال سنوات الأزمة السورية الثلاث. ضجيج ساعات الصباح الأولى ملأ أرجاء عكار والشمال، وامتد صداه إلى أروقة المجلس النيابي. ففيما كان النائب معين المرعبي يصوّت بمنح الثقة للحكومة، بدا خفوت صوته وهو يطالب بنشر قوات دولية على الحدود، وكأنه يعكس إحساساً بعدم جدوى تلك المطالبات.
فسقوط قلعة الحصن في حمص، وهرب البعض ممن كانوا فيها نحو لبنان، سيفاقمان أزمة تيار المستقبل في تدبير شؤون قلعته الحصينة في عكار والشمال، ولن يجد ضالته بعد الآن عبر الاستثمار في ما يحدث من مناوشات حدودية. فلم يكد ينتصف النهار حتى كانت الأمور قد عادت إلى طبيعتها في محلة خط البترول في وادي خالد، التي شهدت ضغطاً هائلاً اختلط فيه صراخ الجرحى وصعوبة انتشال الجثث وأصوات القذائف والرصاص السوري الذي لاحق مسلحين، تمكن قسم منهم من عبور الحدود. حصيلة القصف السوري تضرر بعض المنازل من دون التسبب بأي خسائر بشرية، بحسب ما أفاد «الأخبار» مختار خط البترول مصطفى الرجو.
وادي خالد لم تفاجأ كثيراً بسقوط قلعة الحصن، خصوصاً بعد سقوط الزارة وإحكام الجيش السوري الطوق حول قرية الحصن. يقول مختار الهيشة محمد الأحمد إن مصادر المعارضة السورية والمتعاطفين معها في وادي خالد عبّرت بعد معركة يبرود عن يأسها من إمكان مواجهة القوات النظامية. وأشار إلى أن المناوشات التي شهدتها منطقة خط البترول كانت عبارة عن إطلاق مسلحين سوريين النار من أجل سحب الجثث والجرحى، علماً بأنه لم يكن من بينهم أي من أبناء الوادي.
وعرف من اللبنانيين قتيلان من مشتى حسن، أحدهما يدعى محمد عدنان الحمد، والثاني أبو سليمان المهاجر. وهذا الأخير قيادي في تنظيم «جند الشام»، عرف عنه مشاركته في القتال في أفغانستان والعراق، كما علم أن شقيقاً له قتل في معارك مخيم البارد إلى جانب عناصر «فتح الإسلام»، وشقيقه الثاني قتل في باب التبانة أثناء ملاحقته من قبل فرع المعلومات. أما الجرحى فمعظمهم سوريون، وقد استقبل مستشفى السلام في القبيات القسم الأكبر منهم، والباقي توزعوا على مستشفيات عكار والشمال.
وبينما كانت بعض المساجد في طرابلس تدعو إلى الجهاد في وادي خالد، وقطعت بعض الطرق في مناطق عدة من طرابلس وعكار، كان تيار المستقبل يدعو إلى التبرع بالدم. وطالب وزير الداخلية نهاد المشنوق بفتح الطرق إفساحاً في المجال لوصول الجرحى إلى المستشفيات.