كثيرة هي الزيارات التي قام بها مسؤولون لبلدة الناقورة، قصدوا فيها فقط مقرّ «اليونيفيل» من دون إلقاء نظرة على الحدود البحرية المتنازع عليها مع العدو الإسرائيلي مكتفين بعد كلّ لقاء مع القائد العام للقوات الدولية برحلة سياحية جوية بالطوافة التابعة لها على طول الحدود (الخط الأزرق) من اللبونة وصولاً إلى تخوم بلدة شبعا من دون معاينة ميدانية على أرض الواقع للنقاط المتنازع عليها لا سيّما في رأس الناقورة.
مرّ موكب وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال، علي حمية، بالقرب من مقرّ عام «اليونيفيل» من دون الوقوف على خاطر القائد العام «مخالفاً» بذلك كلّ الأعراف التي اعتاد عليها المسؤولون اللبنانيون، وعاين ميدانياً عن كثب على أرض الواقع المنطقة المتنازع عليها في رسالة واضحة للعدو الإسرائيلي ولمن يريد أن تبقى منطقة رأس الناقورة ذات طابع عسكري وأمني يمنع الاقتراب منها والوصول إليها ويحرم اللبنانيين من استثمار أراضيهم الحدودية.

على بعد مسافة صفر من الجدار الفاصل بين مدخل نفق سكة الحديد بين لبنان وفلسطين المحتلة، أطلق حمية أوّل موقف رسمي لبناني يتعلّق بحقوق لبنان في نفق قطار سكة الحديد الذي يحتلّ العدو الإسرائيلي المسافة الخاصة بلبنان والتي بقيت ضمن النقاط المتنازع عليها في رأس الناقورة.
تصوير بلال قشمر()

وأكد خلال جولة قام بها مع عدد من رؤساء البلديات الجنوبية على منطقة مدخل نفق راس الناقورة «أنّنا نريد حقنا في النفق لآخر متر مع الحدود الفلسطينية المحتلة ولن نترك النفق لأي أحد ونريد الاستثمار السياحي في كامل أراضينا الحدودية في منطقة رأس الناقورة ونعمل على إعداد دفتر شروط لإطلاق مشاريع استثمار سياحية من خلال مزايدة عالمية للاستثمار السياحي وإنشاء تلفريك بحري ومنتجعات سياحية، ونحن بذلك نرسم معادلة جديدة مع العدو الإسرائيلي».

على الرغم من الأهمية الجغرافية لمنطقة رأس الناقورة التي تفصل بين لبنان وفلسطين المحتلة وما تشكّله من نقطة استراتيجية تشرف على حقول النفط والغاز المغمور تحت الماء وحدود بحرية متنازع عليها، حوّل العدو الإسرائيلي الجانب الآخر منها إلى نقطة جذب سياحي تعجّ بالمدنيين وأقام فيها منشآت سياحية، «تلفريك» وممرّات داخل الكهوف الطبيعية المحاذية للشاطئ ومطاعم وحوّل كامل النفق إلى بانوراما مشهدية ومعرض للصور واستغلّ الجزء الأخير من المساحة الطولية للنفق محوّلاً إياها إلى سينما مستخدماً الجدار الإسمنتي الذي أقفل فيه مدخل النفق من الجانب اللبناني إلى شاشة سينمائية يعرض فيها بشكل دائم فيلماً ترويجياً عن السياحة في تلك المنطقة ويحكي عن تطوّرها منذ بدء حفر النفق خلال فترة الانتداب الإنجليزي على فلسطين وصولاً إلى نشوء ما يُسمّى بدولة «إسرائيل».

أما في ما يخصّ المنطقة من الجانب اللبناني التي مضى على تحريرها 22 عاماً فهي لا تزال على حالها وبقيت مصنّفة منطقة عسكرية ممنوع على المدنيين الوصول إليها بالرغم من وجود مساحات شاسعة من الأراضي الصالحة للاستثمارات السياحية وتملك كلّ المؤهلات التي تسمح لها بأن تكون منطقة سياحية ذات منفعة اقتصادية نظراً لما تتمتّع به من مواصفات تضاهي تلك التي يستثمرها العدوّ الإسرائيلي في الجانب الآخر منذ العام 1963.