من جهة ثانية، تستمر حركة «نزوح» القضاة وهجرانهم للعدليات، وعُلِمَ أنّ عدداً غير قليل من القضاة تقدموا بطلبات إجازاتٍ من دون راتب، أو طلبات استيداع، وقد تمّت الموافقة على بعضها، علماً أن قصور العدل تشهد منذ قرابة العام استقالة قضاة وسفر آخرين للعمل مؤقتاً في الخارج.
خلاف وزير العدل ورئيس مجلس القضاء على انتداب قضاة من الخرّيجين الجدد
وفي سياق أحوال القضاء، لا تزال العتمة تخيّم على قصر العدل، بسبب استمرار أزمة انقطاع التيار الكهربائي، ورغم «همروجة» نقابة المحامين حول مبادرتها تزويد القصر بألواح طاقة شمسية، بعد مساعٍ خاضتها مع شيخة كويتية تكفّلت بتقديم الألواح قبل ثلاثة أشهر، ليتبيّن لاحقاً أن عدد الألواح اقتصر على 15، ولم تكفِ لإضاءة أكثر من طابق واحد من أصل ثلاثة. ويتذرّع عدد كبير من القضاة والموظفين بعدم الحضور الى المكاتب بأسباب تتصل أيضاً بوضع التيار الكهربائي، علماً أن «إنتاجية» القضاة في لبنان تراجعت أكثر مما كانت عليه قبل الأزمة، ويحصل أن يمرّ أكثر من عشرة أيام دون حضور قضاة معنيّين لملاحقة ملفات مفتوحة أمامهم، ما يؤخّر البتّ في قضايا كثيرة تخصّ الناس.
وفي جانب آخر، يتصاعد الخلاف بين وزير العدل هنري خوري ورئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبّود، حول ملف انتداب قرابة المئة قاضٍ تخرّجوا في السنوات الثلاث الأخيرة (2021،2022،2023) وملحقين بوزارة العدل، بسبب عدم إتمام عملية توزيعهم على المحاكم. وتجري العادة بانتداب هؤلاء كأعضاء بداية، أي مستشارين في محكمة مؤلّفة من ثلاثة قضاة، وبشكلٍ استثنائي يعيّن عدد قليل منهم في منصب قاضٍ منفرد. وهذا جوهر خلاف الخوري وعبود، المتنازعين على حجم حصة كل منهما من الأسماء التي ستتولى منصب قاضٍ منفرد، ما أدى إلى تعطيل الملف برمته، فيما قصور العدل تشهد شغوراً كبيراً يمكن لعملية الانتداب تغطيته.