بمعزل عن التدابير التي يتخذها الجيش اللبناني لضبط الحدود مع سوريا بهدف مواجهة موجة النزوح المستجدة منذ نحو ثلاثة أسابيع، وإيلاء مهمة التواصل مع الجانب السوري، لهذه الغاية، للأمن العام عبر مديره بالإنابة اللواء الياس البيسري، لا تزال الإجراءات التي تتخذها الدولة اللبنانية لمكافحة هذه الظاهرة دون المستوى المطلوب أو شبه معدومة مقارنة مع حجم الأزمة التي يبدو أنّها آيلة إلى التفاقم، وهو ما بدا واضحاً من خلال بيانات الجيش، التي تظهر ارتفاعاً غير مسبوق لعدد النازحين أسبوعياً. فبعد أن أحبط الجيش في الأسبوع ما قبل الأخير من شهر آب الماضي محاولة تسلّل نحو 850 سورياً عبر المعابر غير الشرعية، أعلن أمس أنّ وحداته أحبطت الأسبوع الماضي محاولة تسلل نحو 1100 سوري.
وبخلاف الأسباب الأمنية التي بُنيت عليها موجة النزوح السابقة بعد اندلاع الحرب في سوريا في العام 2011، يجمع المطّلعون على أنّ أسباب النزوح الجديد هي بالدرجة الأولى اقتصادية نتيجة العقوبات الأميركية وقانون «قيصر» واحتلال مناطق الثروات النفطية، فضلاً عن أنّ لبنان يشكّل باباً للهجرة غير الشرعية إلى أوروبا عبر البحر حيث تنشط شبكات التهريب.

وفيما تنحصر الجهود لضبط الحدود حالياً بالمستوى الأمني فقط، يُلاحظ استخفافٌ في التعاطي من جانب الحكومة إزاء هذا الملف. وفي هذا الإطار، يقول وزير المهجّرين عصام شرف الدين لـ«الأخبار» إنّ الحكومة «متلكّئة في إيجاد الحلّ الجذري للأزمة»، الذي يكون عبر «إيفاد وفد رسمي إلى سوريا بشكل متكرّر ووضع بروتوكول وتوقيع بنود لعودة النازحين وحماية الحدود وضبطها». وإذ يصف هذه الموجة بـ«الخطيرة»، يحذّر من التساهل معها «فمن الممكن أن نشهد في الأشهر القليلة المقبلة دخول أكثر من مليون نازح».

وعن العقوبات التي تحدّث عنها الأسبوع الماضي عقب الاجتماع الذي عُقد في السرايا الحكومية، يوضح شرف الدين أنّ على وزارة الداخلية أن تعقد اجتماعاً أمنياً مركزياً تتخذ من خلاله قراراً يتمّ تعميمه على القائممقام والبلديات والمخاتير في كلّ المناطق يقضي بإخضاع كلّ لبناني يأوي نازحاً دخل عبر معبر غير شرعي للعقوبات. ويشدّد على أنّ هذه الخطوة «تحتاج إلى دراسة وقرار».

ويحمّل شرف الدين المسؤولية عن هذه الظاهرة لشبكات التهريب «المنظّمة والمحميّة» التي «يجب التخلّص منها عبر إيجاد حل جذري وقرار سياسي جدي من خلال التنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية والتواصل على أعلى المستويات في كلّ البنود».

تصريحات شرف الدين تغضب الحجار
في غضون ذلك، ساءت تصريحات شرف الدين «عبر وسائل الإعلام» وزيرَ الشؤون الاجتماعية هكتور الحجار، الذي أصدر بياناً وصف فيه كلامه بـ«غير الدقيق والاتهامي» في ما يتعلّق «بمقاربتي لملف النازحين السوريين في لبنان والتطوّرات الأخيرة المتعلّقة به». وأشار إلى أنّه «مرّةً يتّهمني بتعرّضي لضغوطات تخفّف من حماسي لهذا الملف، ومرّة أخرى بعدم تجاوبي مع طروحاته في موضوع رئاسة الوفد المفاوض إلى سوريا ومجاراته في عقد اجتماعات جانبيّة، أقلّ ما يقال فيها أنها حماسية تفتقد إلى احترام الأصول والعمل المؤسّساتي المنظّم». وأضاف: «لطالما جاهرت بموقفي من هذا الموضوع، وهو ضرورة الاحتكام إلى الدستور واللجان الوزارية ذات الاختصاص لمعالجة هذا الملف الشائك، ووجوب التعاطي الجدّي خلال إدارته من قبل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي»، متمنياً «على الزميل شرف الدين أن يحترم أدوار زملائه الآخرين المعنيين بهذا الملفّ وأصول العمل المؤسساتي، كما واحترام العمل الذي يقومون به كلٌّ في وزارته».