لا تعوّل العواصم المعنية على مواقف الأطراف المحلية المعارضة للحزب لأنها لا تشكل ثقلاً خارجياً
وبحسب ما يُنقل عن زوار على مستوى رفيع، أظهرت الأشهر الماضية أن الحكومة لم تتصرف، في محطات أساسية، على أنها قادرة على الفصل بين الموقفين، وإظهار تمايزها للخارج. فالأجوبة التي تتلقّاها الدول المعنية حول بعض النقاط تتلاقى مع مواقف الحزب، وليس المقصود هنا الموقف المعادي لإسرائيل لأن هذا أمر مسلّم به. كل ذلك يجعل من الصعب إقناع الدبلوماسيين والزوار الغربيين بأن ثمة اعتراضات جدية على دخول حزب الله في جبهة مساندة حماس. ولا تعوّل العواصم المعنية على المواقف السياسية المعارضة للحزب ومشاركته في الحرب لأنها لا تشكل ثقلاً خارجياً، وتعبّر عن رأي قوى سياسية سواء من خصوم حزب الله أو حلفائه السابقين، وليس عن الجهات الرسمية المكلّفة التحدث باسم لبنان. ويرى هؤلاء أنه كان يفترض التعويل على الحكومة لإظهار موقف غير ملتبس، وهو ما لم يحصل. وبقدر ما يشكل ذلك إحراجاً للدول التي تهتم بشأن لبنان، فإنه يدفعها إلى التصرف والتكلم نيابة عنه، سواء خلال الاتصالات مع إسرائيل، أو من خلال مجموعات عمل أوروبية وأميركية، وتحديد أولويات لبنان والعمل على إبقائه بمنأى عن الحرب الإسرائيلية. وإذا كانت وفود غربية معنية في شكل مباشر بالتفاوض مع إسرائيل سبق أن تعاملت خلال مجيئها إلى بيروت مع الحكومة كناقلة للرسائل فحسب إلى حزب الله، كونه صاحب القرار الفصل، إلا أنها كانت تتوقع مع تطور الحدث الجنوبي، والمخاطر الناجمة عن رفع إسرائيل لهجتها أن تسعى الحكومة إلى نوع من أنواع الاستقلالية في القرار والموقف.
والتعبير عن هذه الإشكالية يأتي في لحظة خطرة، تعطي إشارة إلى أن مثل هذا الأداء في الأشهر التي تلت 7 تشرين الأول، يعكس المخاوف مما سيكون عليه لاحقاً إذا ما نفّذت إسرائيل تهديداتها، أو إذا طالت حرب الاستنزاف أشهراً ستة أخرى أو أكثر، فكيف يمكن التعويل على منحى سياستها في استيعاب ما قد يحصل، والعمل دولياً لوقفه، وباسم من ستكون متحدّثة، أم أنها ستبقى مجرد صندوق رسائل بين الغرب وخلفه إسرائيل وحزب الله، وهو ما يصعّب مهمة كل من يسعى خارجياً إلى أن لا تتكرر تجربة لبنان مع حرب إسرائيلية مدمّرة؟