وقبل تلاوة التوصية، أدلت الكتل النيابية بدلوها كلّ حسب توجهها السياسي. فتغافل رئيس حزب الكتائب سامي الجميل عن الضغوط الأميركية والأوروبية، محمّلاً المسؤولية، كالعادة، لحزب الله الذي «يخطف لبنان» ولـ«النظام السوري الذي يمنع عودة»، مذكّراً باقتراحه بإنشاء أبراج مراقبة وإعطاء العسكريين «نواضير».
واتهم رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بمنع العودة الطوعية للنازحين وتمويل بقائهم، معتبراً أن هذه السياسة مستمرة عبر استبعاد الحكومة السورية عن مؤتمر بروكسيل للنازحين هذا الشهر. وأكد ضرورة التنسيق بين الحكومتين اللبنانية والسورية، وحذّر من «استغلال النازحين مجدداً لإضعاف النظام والتحريض وتبرير الأمن الذاتي، بعدما استخدموا سابقاً في محاولة إسقاطه». وتوجّه الى بري قائلاً: «أنتم اخترتم ميقاتي، فلا تطلبوا منه أن يواجه أوروبا لأنه لا يجرؤ على ذلك»، مؤكداً أن المساعدات الأوروبية «مشروطة لأنها لا تأتي عبر الدولة، بل عبر المنظمات وتوزع بطريقة تتناسب وأجندتها».
بدوره، هاجم النائب أسامة سعد رئيس الحكومة «المحتار» الذي «لا يواجه ولا يجمع الحكومة لتقوم بدورها بأخذ موقف ممّا يسمى هبة، ولا يفصح عن خطة عملية لإعادة النازحين». وذكّر النائب حسين الحاج حسن، الذي تحدث عن كتلة الوفاء المقاومة، بالحرب في سوريا ومن «موّلها وقادها ما تسبّب بموجة النزوح الأولى الى لبنان، واستتبعتها واشنطن بفرض عقوبات نتيجة فشلها في إسقاط النظام ما تسبب بموجة نزوح ثانية اقتصادية. لذلك لا يفترض معالجة الأزمة بعيداً عن معالجة تلك الأسباب». وأكد وجود تدخلات ديبلوماسية للضغط على لبنان، مشيراً الى ضرورة التفكير بكيفية الضغط لتعديل الموقف الدولي حتى يسير الحل السياسي.
الجميل ذكّر بأهمية «الناضور» والقوات زايدت على نفسها بتوصية على التوصية
في الخلاصة، أنزل المجلس النيابي ميقاتي عن الشجرة بعد نحو أسبوعين على مؤتمره الصحافي مع فون دير لاين واحتفاله بهبة المليار يورو. إذ بدا أن التوصية بأكملها أتت لإزالة الضغط الدولي عنه، وحتى يتهرّب من عقد جلسة حكومية كان يفترض أن تناقش الهبة وتأخذ موقفاً صارماً منها ومن ملف النزوح. وقد تهرّب ميقاتي، كالعادة، من مسؤولياته، وبدا من خلال الكلمة التي ألقاها في المجلس ثم التزامه الصمت حيال كل الانتقادات التي طاولته من كل القوى النيابية، في موقف ضعيف ومناقضاً لنفسه. فهو أقرّ بأن الهبة الأوروبية التي احتفى بها لدى إعلانها هي نفسها المساعدات التي دأبت المفوضية على تقديمها منذ سنوات عبر بعض المنظمات والمؤسسات الحكومية، ولكن «تلقّينا وعوداً بزيادتها وبالقيام باستثمارات في لبنان في حال إقرارنا رزمة الإصلاحات». كذلك أكد أن «المساعدات غير مشروطة ولم نوقّع أيّ اتفاق»، علماً أن الأموال لا تأتي الى الدولة بل الى منظمات غير حكومية توزعها كما يحلو لها ومن دون علم أيّ مسؤول في الدولة ومن دون تسجيلها في قيود وزارة المال. أما الإجراءات التي اقترحها رئيس الحكومة فتنوعت بين الطلب من الجهات الأمنية التشدد في تطبيق القانون على النازحين غير الشرعيين وتوصيته بضرورة زيادة عناصر الجيش المنتشرين على الحدود اللبنانية السورية (4838 عنصراً موزعين ضمن 108 مراكز) 5 أضعاف على الأقل. وكرر ما كانت اللجنة الوزارية المكلفة بمعالجة شؤون النازحين قد أشارت إليه منذ أشهر: التشدد باتخاذ التدابير بحق المخالفين لقانون العمل، الطلب من النيابات العامة التشدد بإجراءات ضدّ مافيات الاتجار بالبشر وترحيل الموقوفين وتكثيف الجهود الديبلوماسية لشرح خطورة النزوح السوري على لبنان.
سفراء الخماسية انزعاج سعودي من السفير المصري
التقى سفراء اللجنة الخماسية، أمس، في ضيافة السفيرة الأميركية ليزا جونسون في عوكر، بهدف تقييم حراكهم ومساعي اللجنة وجهودها لإنهاء الشغور الرئاسي والبدء بمرحلة جديدة. وقالت مصادر مطّلعة إن «اللقاء لم يحمل جديداً عن اللقاءات السابقة، باستثناء التأكيد على مواصلة الحراك من دون تحديد سقف زمني، وخصوصاً أن هذا الحراك مرتبط بتطورات المنطقة القابلة للتبدّل يومياً». وأبلغت السفيرة جونسون الحاضرين أن «لا زيارة قريبة للموفد الأميركي عاموس هوكشتين الى لبنان، حيث لا مجال حالياً لأي ترتيبات تتعلق بوضع الجنوب». إلا أن ما كان لافتاً هذه المرة، هو غياب السفير المصري علاء موسى عن الظهور بعدما جرت العادة بأن يتولى تلاوة البيان أو الموقف الصادر عن اللجنة. وبحسب مصادر مطّلعة يعود ذلك إلى «خلافات بين أعضاء اللجنة، وتسجيل انتقادات ولا سيما من السفير السعودي وليد البخاري الذي انزعج من تصريحات السفير المصري واعتبرها «show off» في الشكل، كما اعتبر أن المضمون أحياناً ينمّ عن عدم دراية بالواقع اللبناني ولا سيما في ما يتعلق بالكلام عن ضرورة الحوار بينَ القوى السياسية».