أعلن الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي شمخاني، خلال زيارته الأخيرة لبيروت، استعداد إيران لتقديم هبة عسكرية إلى الجيش اللبناني. ورغم ترحيب رئيس الحكومة تمام سلام بالخطوة، إلا أنها أثارت تباينات حول مغزى الهبة والإحراج الذي قد تسبّبه للبنان والمخاطر التي قد تترتب على قبولها.
ولم تقتصر الاعتراضات على الداخل المحلي، بل تعدّته إلى الخارج الدولي، بعد المعلومات التي نشرتها «الأخبار» (الجمعة الماضي) عن اعتراض واشنطن وتهديدها بوقف المساعدات الأميركية للجيش في حال قبول الهبة الإيرانية. من هنا، تدور أسئلة حول مصير العرض الإيراني، في ضوء الزيارة المرتقبة لوزير الدفاع سمير مقبل، لطهران للبحث في العرض وحاجات الجيش اللبناني.
الهبة غير مشروطة ومن دون مقابل
وبلا وسطاءوجاهزة للتسليم فوراً

عن الأسباب التي جعلت إيران تعيد عرض تقديم الهبة العسكرية للبنان، يقول السفير الإيراني محمد فتحعلي لـ«الأخبار» إن إيران «مهتمة بلبنان وبأمنه، ولا سيما أنه يعاني اليوم أزمة قوية بسبب الإرهاب الذي يتعرض له. لذا، نعتبر أن من واجبنا الوقوف إلى جانبه، كما إلى جانب الدول التي تنتمي إلی محور المقاومة والممانعة، وأن نقول لهم: لستم وحدكم في محاربة الإرهاب. ونحن نعبّر عن هذه الصداقة ليس فقط بالعاطفة، بل أيضاً عملياً من خلال المساعدات العسكرية». ويضيف: «كل الدول تقدم مساعداتها للجيش في محاربته الإرهاب، ونحن في إيران حقّقنا، خلال الأعوام الماضية، مكتسبات وإنجازات ملموسة، نعتقد أنها يمكن أن تساعد الجيش اللبناني الباسل». وأكد فتحعلي أن الهبة الإيرانية للجيش «مخصصة لدعم عمله في مكافحة الإرهاب، وهي غير مشروطة ومن دون مقابل». وأوضح أن العرض الذي حمله شمخاني، في زيارته الأخيرة للبنان، «عبارة عن هدية من دون قيد أو شرط، وبالتالي فهذه ليست صفقة، ولا يوجد فيها أي وسيط أو أي طرف ثالث، بل هي هبة من دولة إلى دولة، وإيران لا تريد من لبنان شيئاً في المقابل». ولفت إلى أن رئيس الحكومة اللبنانية «رحّب بالهبة لأنها ضرورية للبنان وجيشه».
وعن التعاون العسكري مع الجيش، أجاب السفير الايراني: «نحن نقدّم الهبة العسكرية كمرحلة اولى من التعاون مع الجيش اللبناني. ونعتبرها مقدمة طبيعية لزيادة التعاون معه. وسندرس في المستقبل احتياجات الجيش العسكرية واللوجيستية، بتأنٍّ، كي تكون ملائمة في عملية مكافحة الارهاب». وعن نوعية الهبة والمساعدات العسكرية، قال إن بلاده «مستعدة لتقديم كل ما يحتاجه لبنان من أسلحة وذخائر، وهذان الامران حيويان للجيش. ونحن، استناداً إلى خبرتنا العريقة في مكافحة الإرهاب طوال أكثر من ثلاثة عقود داخل إيران وخارجها، نعرف ما هي الحاجات الضرورية، ونريد أن نقدمها إلى لبنان على طبق من الإخلاص للجيش اللبناني».
وعن احتمال اعتراض الولايات المتحدة على الهبة الإيرانية، قال إن «هذا التصرف يأتي من ضمن سياسة ازدواجية المعايير في مكافحة الإرهاب»، لافتاً، على سبيل المثال، إلى السياسة التي تعتمدها واشنطن في ضرب التنظيمات الإرهابية، إذ «إننا نعتقد أن ليست لدى الائتلاف الدولي نية فعلية لمكافحة الإرهاب، وهو داء سرطاني يصيب دول المنطقة ويجب أن تتوحد في صف واحد لمواجهته. وإيران سبق أن تنبأت بخطر هذا الإرهاب والمجموعات الإرهابية التي كانت ترتكب الجرائم في سوريا والعراق، وتحاول اليوم القيام بالأمر نفسه في لبنان».
ورأى فتحعلي أن «أي دولة تعترض على المساعدة التي تقدمها إيران إلى لبنان لا تخدم المصلحة الوطنية اللبنانية. فلبنان يعيش ظرفاً صعباً، والجيش يحتاج إلى دعم عسكري من الجميع كي يتمكن من مواجهة الإرهابيين والاعتداءات التي تستهدفه. والجيش اللبناني جيش وطني ويضم كل فئات الشعب اللبناني وطوائفه، ويحتاج إلى الدعم لمواجهة الإرهاب. وهو سيعاني من رفض أي دولة للمساعدات التي ستصل إليه. وأي شروط يمكن أن توضع على الهبات للجيش ستكون غير منطقية».
وعن إمكان شمول الهبة آليات عسكرية، قال: «بعض الآليات التي قد تستخدم في مكافحة الإرهاب يمكن أن تكون ضمن اللوائح. نحن نعرف حاجات لبنان، ونعرف أيضاً ما نريد تقديمه، لأن هدفنا واحد، هو مكافحة الإرهاب».
وعن موعد تسليم الهبة، أكّد أن «الهبة الإيرانية جاهزة. وإذا توافرت الأطر القانونية لها فنحن جاهزون لتقديمها فوراً. لبنان يحتاج إلى مساعدة طارئة، والأسلحة والذخائر لدينا جاهزة ولا تحتاج إلا إلى نقلها إلى الجيش. وحين يقول لبنان إنه أصبح مستعداً لتقبّلها سنقوم فوراً بتسليمها. لكن يجب ألّا تتأخر المساعدات بسبب كثافة التهديدات التي يتعرض لها لبنان».