تونس | تصنيف حزب الله تنظيما ارهابيا من طرف مجلس التعاون الخليجي ومجلس وزارء الداخلية العرب المنعقد في تونس قبل يومين، أثار موجة استياء كبيرة بسبب موافقة تونس على البيان. وبعد الضغط الكبير وموجة الإحتجاجات السياسية والشعبية، تراجعت المؤسسات الرسمية في تونس، ممثلة في وزارة خارجيتها، ضمنيا عن موقفها.
فتونس التي تدفع نخبها في اتجاه تبني علمانية الدولة تتبع سياسة خارجية مبنيّة على عدم التدخل في أي من صراعات المنطقة، ولا في الشؤون الداخلية للدول. وأثار موقفها بتبني بيان وزراء الداخلية العرب موجة استياء شديدة، دفعت رأس السلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي إلى فرض إصدار بيان من وزارة الخارجية يتضمّن تعديلا لموقف تونس السابق، حاولت من خلاله تخفيف حدة الإحتقان الشعبي والنخبوي الذي أثارته موافقة تونس على تصنيف حزب الله تنظيما ارهابيا واصطفافها وراء المملكة العربية السعودية التي دفعت الى إتخاذ مثل هذا القرار.
وقالت وزارة الخارجية التونسية في بيان ان الإعلان الذي صدر عن مجلس وزارء الداخلية العرب ليس فيه تصنيف لحزب الله تنظيما إرهابيا، وليس قرارا ذا صبغة إلزامية". وأكد البيان نفسه أنّ "انخراط تونس في هذا التوجه الجماعي لا يحجب الدور المهام الذي أدّاه حزب الله في تحرير جزء من الأراضي اللبنانية المحتلة، ومواقفه الداعمة لنصرة القضية الفلسطينية. وتشدّد تونس في الإطار ذاته على ضرورة أن تتجنّب هذه الحركة كل ما من شأنه أن يهدّد استقرار دول المنطقة وأمنها الداخلي".
وكان وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي قد صرّح اول من أمس بأن "اعتبار حزب الله اللبناني تنظيما إرهابيا ليس موقف تونس".
وأضاف الجهيناوي "لسنا في عداوة مع حسن نصر الله" و"علاقات تونس مع لبنان وإيران متطورة ومتميزة، كما هو الحال مع العديد من دول الخليج الاخرى وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية".
هذا التوضيح او تعديل الموقف الرسمي التونسي كان بعد ضغط سياسي ومدني وإعلامي كبير، فكل الأحزاب والمنظمات تقريبا استنكرت تبني تونس لبيان يصنّف حزب الله تنظيما إرهابيا. فالآلاف من التونسيين وقّعوا عريضة شعبية على الانترنت للتراجع عن الموقف الرسمي التونسي بتصنيف حزب الله تنظيما ارهابيا، تحت عنوان: "انا تونسي (ة) ومتضامن مع حزب الله". كذلك لم تتوانَ احزاب كثيرة عن مهاجمة الممثلين الرسميين للدولة التونسية.
فمثلا الجبهة الشعبية وهي تحالف بين احزاب يسارية وقومية رأت على لسان أحد أعضاء مجلس أمنائها وهو زهير حمدي في تصريح لـ"الأخبار" أن الموقف الذي وافقت عليه تونس يجرّم ضمنيا المقاومة، ويخدم مصالح الكيان الصهيوني الذي يسعى بكل الوسائل إلى تصفية كل نفَسٍ مقاوم في المنطقة، والقضاء على كل قوة تحدّ من توسّعه واغتصابه للأراضي الفلسطينية واللبنانية والعربية عامة، ما يفتح الباب واسعا أمام التطبيع معه.
وتابع السياسي ذو التوجّه القومي قائلا: "الحكومة التونسية إصطفت من خلال وزير داخليّتها وراء الموقف السّعودي الخليجي الوارد في البيان الختامي لمجلس وزراء الداخلية العرب، الذي يصنّف حزب الله اللبناني تنظيما إرهابيا ويساند التدخل العسكري السعودي الخليجي في اليمن. وهذا الموقف لا مصلحة فيه لتونس وشعبها، كما أنّه لا مصلحة فيه للشعب اللبناني والشعوب العربية عامة".
أما الاتحاد العام التونسي للشغل، وهو اكبر نقابة عمالية في تونس، فرأى على لسان ناطقه الرسمي سامي الطاهري، في تصريح لـ"الاخبار" ان حزب الله يمثّل رمزًا للمقاومة الوطنية. وطالب بـ"التراجع عن مساندة هذا القرار والإعتذار، والا فان الإتحاد سيكون جبهة وطنية موحدة لإسقاطه حتى عبر الخروج للشارع وخرق حالة الطوارئ المعلنة في البلاد".
سمير بالطيب الأمين العام لحزب المسار الإجتماعي الديمقراطي التونسي رأى في التراجع الصادر عن وزارة الخارجية اليوم "أمراً مخجلاً للدبلوماسية التونسية، ما يستوجب إقالة المسؤول عن تبني تونس لكامل بيان مجلس وزارء الداخلية العرب".