في لهجة غير مسبوقة في خطاباته، أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله «أن شيعة علي بن أبي طالب في العالم، لن يتركوا فلسطين»، وذلك في إطار الرد على ما عدّه سعياً من أميركا وحلفائها لإخراج إيران والشيعة من معادلة الصراع العربي ــ الإسرائيلي. وشدد على ان اسرائيل تمثل خطراً على جميع شعوب وبلاد المنطقة، ويجب زوالها. وأكد الحرص «على العلاقة المتينة والطيبة مع جميع الفصائل الفلسطينية والقوى الفلسطينية، وإن كنا قد نختلف معها على عناوين قد تتصل بفلسطين وسوريا». جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها نصر الله مباشرة خلال الاحتفال المركزي لحزب الله بيوم القدس العالمي في مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية، تحت شعار «القدس تجمعنا». ورأى نصر الله أنّ دعوة الإمام الخميني إلى اعتبار آخر يوم جمعة من شهر رمضان يوم القدس، هدفها «تذكير المسلمين والعالم بقضية فلسطين، ومنعها من الدخول في النسيان، والاستفادة لحشد الطاقات والتبعئة من أجل انقاذ القدس وفلسطين من أيدي الصهاينة، وتسليط الضوء على ما تتعرض له فلسطين وشعبها من حصار وتجويع وتهويد».
ورأى انه «في الثاني من اب 2013 نحن أحوج ما نكون الى هذه المناسبة»، لافتا إلى ان «فلسطين التي نتحدث عنها هي فلسطين كلها من البحر الى النهر، والتي يجب ان تعود كاملة الى أهلها، وعدم التخلي او التنازل عن حبة رمل واحدة من تراب فلسطين، او قطرة من مائها او نفطها او قطعة من أرضها، ولا أحد يملك تفويضا بذلك».
وأضاف نصرالله إن «الإمام الخميني وصف اسرائيل وصفا واقعيا ودقيقا عندما سمّاها الغدة السرطانية، فهي ورم سرطاني، والسرطان يفتك، والحل الوحيد عدم اعطاء الفرصة له وعدم الاستسلام، بل استئصاله». وشدد على ان «اسرائيل تمثل خطرا دائماً وهائلاً، وهي ليست خطرا فقط على فلسطين والفلسطينيين، فهذا وهم وتضليل وجهل»، مؤكداً ان «اسرائيل تمثل خطراً على جميع شعوب وبلاد المنطقة وأمنها وسيادتها، وهي ليست تهديدا وجوديا لفلسطين فقط ومن ينكر هذا هو مكابر»، مشيرا إلى ان «ازالة اسرائيل مصلحة وطنية اردنية وسورية ومصرية ولبنانية».
ولفت إلى ان «هناك دولاً وحكومات تمنع أولوية الصراع مع العدو، وتصد هذه الاولوية، وتدفع نحو أولوية أخرى وتخترع حروباً أخرى». وذكّر بأن «البعض كان يقول إن الأولوية هي لصد المد الشيوعي وأُنفقت مليارات الدولارات لمواجهة المد الشيوعي، وحتى في الحرب في أفغانستان ذهب الالاف للمشاركة»، سائلاً «لماذا تركتم فلسطين وذهبتم للقتال في أفغانستان؟». وقال: «اخترعوا عدوا جديدا اسمه المد الايراني والمجوس والفرس، ولم يكونوا يقولون شيعة في البدء، وخيضت حرب مع ايران أُنفقت فيها مئات من مليارات الدولارات، لو أنفق خمسها في فلسطين لتحررت».
واستطرد نصر الله مشدداً على ان «كل من يرعى الجماعات التكفيرية على امتداد العالم الاسلامي، ويدفع بها الى ساحات القتال والقتل هو الذي يتحمل بالدرجة الاولى مسؤولية الدمار الحاصل، وهو من يقدم الخدمات لاسرائيل»، سائلاً: «أما آن للشعوب ان تدرك ان هناك من يريد تدمير المنطقة وشعوبها وجيوشها، والتقسيم الى مسيحيين وسنة وشيعة ودروز واسماعيليين وفرس وكرد وترك؟». واسف لأنه «ليس لدينا قرار ان ندل بأصبعنا الى الدول التي ترعى هذا المشروع التدميري الحاقد الذي هو اخطر مشروع يمر على منطقتنا».
ونفى أن يكون هناك نزاع مذهبي أو طائفي، لافتاً إلى ان الصراع في مصر هو صراع سياسي لا طائفيّ، وكذلك في ليبيا واليمن، لكنه اشار إلى انه «عندما نأتي الى دول فيها تعدد كالعراق وسوريا ولبنان والبحرين، يصبح الصراع السياسي صراعا طائفيا، وهذا يفعلونه عمدا لا عن جهل، لأنه سلاح مدمّر».
وأكد نصر الله التزام «الثوابت والاولويات التي يعادينا عليها اعداؤنا، واحيانا يعتب علينا بعض اصدقائنا، لكنهم يعتبون ويتفهمون وهذه الاولوية نؤكد التزامنا القاطع بها»، مشددا على اننا «في حزب الله سنبقى الى جانب فلسطين وشعب فلسطين، ونحن حريصون على العلاقة المتينة والطيبة مع جميع الفصائل الفلسطينية والقوى الفلسطينية، وإن كنا قد نختلف معها على عناوين قد تتصل بفلسطين وسوريا».
وأردف: «القدس يجب ان تجمعنا، واي خلاف اخر فقهي او سياسي او قُطري او ديني او عقائدي يجب ان يبقى الالتزام بفلسطين وقضية فلسطين بمنأى عن هذا الاختلاف»، متوجهاً بالشكر إلى «إيران وسوريا على كل ما قدمتاه من أجل فلسطين وقضية القدس، وإلى حركات المقاومة في لبنان وفلسطين، ما ادى الى الحاق الهزيمة بهذا الكيان والمشروع». واضاف: «سنبقى في حزب الله المقاومة اليقظة الجاهزة لحماية بلدنا وشعبنا لمواجهة أطماع العدو، الى جانب الجيش الوطني اللبناني، الذي نوجه إليه التحية الكبيرة، إلى قيادته وضباطه وجنوده وشهدائه وجرحاه، ويجب ان نذكر إمام المقاومة السيد موسى الصدر، الذي هدانا إلى هذا الصراط المستقيم»، مطالباً السلطات الليبية بـ «أن تتحمل كامل المسؤولية بما يليق بهذه القضية الخطيرة».
وأعلن أنه سيتكلم «من منطلق شيعي هذه المرة»، لافتاً إلى التحريض المذهبي «في وسائل اعلام ممولة خليجياً، وما يطلق من أوصاف لا تليق بأن يتلفظ بها انسان ضد الشيعة، تقابلها فضائيات تستضيف شيعة ممن يشتمون أهل السنة»، ورأى أن هذا الأمر مقصود، ووراءه جهة واحدة لاثارة الفتن، موضحاً أن «الهدف من الهجوم على الشيعة كي ينسوا القدس ويكرهوا فلسطين، وان يؤدي ذلك الى اخراج الشيعة من معادلة الصراع مع اسرائيل، اي اخراج ايران من هذا الصراع».
وخاطب «أميركا واسرئيل والانكليز وادواتهم من دول اقليمية في المنطقة»، بالقول: «في هذا اليوم، يوم القدس في 2 آب 2013، أقول نحن شيعة علي بن ابي طالب في العالم لن نتخلى عن فلسطين وشعبها ومقدسات الامة في فلسطين».
وسخر من «التهم الموجهة إلى الشيعة بأنهم رافضة وارهابيون»، وقال: «قولوا ما شئتم، ولكن نحن شيعة علي بن ابي طالب لن نترك فلسطين، ونحن حزب الله من بين هؤلاء الذين تربينا في مشروع المقاومة وقدمنا خيرة الشهداء وفلذات الاكباد».
وختم مكرراً: «نحن حزب الله سنتحمل مسؤولياتنا بمقدار ما علينا من مسؤوليات، ونحن حزب الله الحزب الاسلامي الشيعي الاثني عشري لن نتخلى عن فلسطين والقدس ومقدسات هذه الأمة».