حالما كشف وزير الخارجية العراقي ابراهيم الجعفري مضمون كلمته في مجلس وزراء الخارجية العرب، وقف رئيس الوفد السعودي، صارخاً في أعضاء وفده: "قوم قوم ياااا... عندما تنتهي الكلمة بلّغونا". لم يحتمل ممثل نظام آل سعود قول الجعفري إن حزب الله في لبنان، والحشد الشعبي في العراق، «حفظا كرامة العرب، والذين يتّهمونهما بالإرهاب هم الإرهابيون». لا يمكن رأياً آخر ان يصدر عن اجتماع أراده النظام السعودي أن يُصدر بالإجماع قراراً يصف حزب الله بالإرهابي. وهذا الإجماع المكوّن من ممالك وإمارات ومشيخات وبعض الانظمة المرتبطة مالياً بها، خرقه الموقفان اللبناني والعراقي، إضافة إلى "اعتراض" جزائري و"ملاحظات" تونسية لم تُدوّن في البيان الصادر عن الاجتماع.فبعد إخضاع دول مجلس التعاون الخليجي لرغبة آل سعود في وضع الحزب على «لائحة العرب الإرهابية»، واللجوء إلى مجلس وزراء الداخلية العرب للغاية نفسها، استخدم آل سعود مجلس وزراء الخارجية العرب لتسعير الحملة، وتسويق الدعاية المعادية للمقاومة. وأعلن وزراء الخارجية العرب خلال اجتماعهم أمس في مقر الجامعة العربية في القاهرة «تصنيف حزب الله اللبناني إرهابياً».
مجدّداً لم يفلح آل سعود كما جرت العادة، في الحصول على إجماع عربي، ترهيباً أو ترغيباً، في ظل التحفظ اللبناني والعراقي، المدعوم بملاحظات جزائرية وتونسية، وفيما كان التحفظين اللبناني والعراقي متوقعين، ومعهما موقف الجزائر، بدا لافتاً عدم تسجيل الحكومة التونسية موقفاً واضحاً، برغم أن رئيسها الباجي قايد السبسي، سارع بعد اجتماع وزراء الداخلية في بلده منذ أسبوع إلى التعبير عن انزعاجه من التصنيف، إثر خروج قوى شعبية وسياسية ونقابية تونسية للتنديد بالقرار.
ولأن النظام السعودي يعد نفسه منزّهاً عن أي انتقاد، ويرفض أن يخرج أي طرف عربي عن السياسة التي يرسمها، انسحب أمس الوفد السعودي برئاسة مندوبه الدائم لدى الجامعة العربية أحمد بن عبدالعزيز قطان من الاجتماع، اعتراضاً على كلمة وزير الجعفري، الذي أكد «رفض الاتهامات الموجهة إلى حزب الله»، ووصفه بـ «الحزب العربي». وقال الجعفري «الحشد الشعبي وحزب الله حفظا كرامة العرب، ومن يتهمهما بالإرهاب هم الإرهابيون». وبعد انتهاء الإجتماع، علّق الجعفري على انسحاب الوفد السعودي، قائلا إنه «لن يؤثر في مجمل العلاقات السعودية العراقية»، لافتًا إلى أن « تباين المواقف أمر طبيعي».
الأزهر يؤيد وسم المقاومة بالإرهاب ويدعو مراجع الشيعة إلى إصدار فتاوى بتحريم التعرض لأهل السنّة

وسجّل وزير الخارجية جبران باسيل خلال مشاركته في الدورة الـ145 للمجلس الوزاري العربي، تحفظ لبنان على بندين بسبب ذكر «حزب الله ووصفه بالإرهابي»، مشيراً الى أن «الأمر لا يقع ضمن تصنيف الأمم المتحدة، ولا يتوافق مع المعاهدة العربية لمكافحة الإرهاب، التي تُميّز بين الإرهاب والمقاومة».
وشدد باسيل على أن «حزب الله يمثّل مكوناً أساسياً، وشريحة واسعة من اللبنانيين وله كتلة وازنة نيابية ووزارية في المؤسسات الدستورية»، موضحا أن «لبنان وافق على البنود الأخرى بالرغم من ملامستها لقرار النأي بالنفس، وتحديداً البنود المتعلقة بإدانة الإعتداءات على بعثات السعودية في إيران، ورفضه أي تدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية». وطالب باسيل بحذف عبارة «حزب الله الإرهابي»، لكي تجري الموافقة على القرار دون تحفظ، إلا أن الأمر لم يحصل، فسجل باسيل موقفه خطياً، مؤكداً أن «المواقف التي اتبعتها وزارة الخارجية تؤكد مجدداً أنها جاءت حفاظاً على الإجماع العربي، والتزاماً بسياسة الحكومة اللبنانية وبيانها الوزاري، واضعة مصلحة لبنان العليا وموجبات وحدته الوطنية واستقراره الداخلي، هدفا أساسياً للسياسة الخارجية اللبنانية».
وفي السياق نفسه، استنكر الأزهر أمس «ممارسات حزب الله اللبناني والحشد الشعبي العراقي»، رافضًا تصريحات وزير الخارجية العراقي. وفي بيان له عبّر الأزهر عن «أسفه الشديد لما ورد على لسان الجعفري من تصريحات مرفوضة تشيد بممارسات تنظيمات جرى تصنيفها جماعات إرهابية». وطالب في بيان له، بضرورة "وقف الممارسات الإجرامية لكافة التنظيمات الإرهابية المسلحة، كداعش وأخواتها، وكافة الميليشيات والأحزاب الطائفية ضد أهل السنّة والجماعة ".
ووفق البيان، جدد شيخ الأزهر أحمد الطيب، دعوته المراجع الشيعية المعتدلة، إلى "إصدار فتوى صريحة تحرم عمليات القتل الممنهجة التي ترتكبها هذه الميليشيات الطائفية ضد أهل السنّة والجماعة".