وعن العلاقة مع السعودية وما إذا كانت توافقه الرأي، كشفت الأوساط أن ميقاتي عقد اكثر من اجتماع «مهم وناجح» مع مسؤولين سعوديين خلال زيارته الأخيرة إلى المملكة، أبقيت بعيداً من الإعلام باتفاق الطرفين. ويؤكد ميقاتي، بحسب أوساطه، ان المسؤولين السعوديين لم يطلبوا منه الاستقالة «بل على العكس من ذلك، أكدوا ان الوقت غير مناسب لتغيير حكومي في لبنان».
أما بشأن العلاقة مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري، فتؤكد الأوساط أن هذه العلاقة «جيدة جداً رغم ما عكرها خلال الأيام الماضية، نتيجة انتقاد بري لأداء الحكومة». ويدافع ميقاتي عن نفسه بالقول إن ملفات أساسية انجزتها الحكومة الحالية، والمراوحة في عملها مرتبطة بالخلافات بين مكوناتها على ملف التعيينات الإدارية بالتحديد: فمرشح الرئيس بري لمنصب محافظ جبل لبنان لا يحظى بقبول العماد ميشال عون والنائب وليد جنبلاط. وفي رئاسة المجلس الأعلى للجمارك، لم يتفق بري وحزب الله على اسم واحد، وكذلك الأمر بالنسبة إلى العضو الشيعي في هيئة إدارة قطاع النفط. أما التشكيلات الديبلوماسية، فتنتظر قرار مجلس شورى الدولة بشأن الترفيع من الفئة الثالثة إلى الفئة الثانية. ويؤكد ميقاتي عدم وجود أي عقبة تحول دون تعيين المدعي العام التمييزي، بعدما تم التوافق على ثلاثة أسماء ليرشح وزير العدل أحدها في مجلس الوزراء.
من جهة أخرى، دعا ميقاتي مجلس الوزراء الى الانعقاد في السرايا يوم الاربعاء المقبل، على أن تعقد جلسة ثانية يوم الاربعاء 5 أيلول المقبل في القصر الجمهوري لبحث موضوع سلسلة الرتب والرواتب.
تهديد السلم الأهلي
في غضون ذلك، خيم الحذر الشديد على منطقتي باب التبانة وجبل محسن في ظل هدنة هشة، خرقتها عمليات القنص التي حصدت قتيلين وعدداً من الجرحى، فيما لم يخرج الاجتماع الموسع لفعاليات طرابلس السياسية بحلول عملية للمعضلة الأمنية برغم تحذيرهم من انها اصبحت تشكل تهديداً للسلم الأهلي في كل لبنان.
وقد شارك في الاجتماع الذي عقد منزل ميقاتي وبحضوره في طرابلس مفتي طرابلس والشمال مالك الشعار، الوزراء: مروان شربل، فايز غصن، احمد كرامي، نقولا نحاس، محمد الصفدي وفيصل كرامي ونواب تيار المستقبل والمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء أشرف ريفي، ورؤساء الأجهزة الامنية في الشمال.
وبحث المجتمعون «في ايجاد حل جذري لهذه المعضلة التي أصبحت تشكل تهديداً للسلم الاهلي في طرابلس وكل لبنان، وهذا ما لا يمكن القبول به».
وأعلن المجتمعون «ابقاء اجتماعاتهم مفتوحة»، كما ثمنوا «دور الجيش والقيادات الامنية وطلبوا منها العمل على فرض الامن بكل الوسائل وتوقيف مطلقي النار». كما طلبوا من القضاء «القيام بواجبه في اصدار الاستنابات القضائية في حق كل مخل بالامن». وطلبوا من الهيئة العليا للاغاثة التعويض على اهالي القتلى والجرحى والمتضررين.
وتمنى المجتمعون على المفتي الشعار القيام بمبادرة لجمع سائر الفرقاء لترسيخ العيش المشترك والواحد واكمال المصالحة التي بدأت عام 2009.
بعد ذلك عقد ميقاتي لقاءً مع فاعليات منطقة التبانة في حضور الوزير شربل واللواء ريفي.
وأشار الشعار في حديث تلفزيوني الى ان الحضور في اجتماع فاعليات طرابلس أكدوا للجيش والقوى الامنية ان لا تراجع وان يأخذوا على ايدي كل من يطلق النار، بمعنى ان كل من يطلق النار سيؤول الى التوقيف. كذلك اكد الحضور انه لا بد من ان يكون هناك مصالحة تضم جميع الاطراف لأننا جميعا ابناء وطن واحد في باب التبانة وجبل محسن.
وفي إطار ردود الفعل الدولية على أحداث طرابلس، حذّر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس من «تأجيج الوضع في لبنان»، مؤكداً «ضرورة احترام الطوائف وتجنب الصراعات في ظل الاحداث الطائفية في طرابلس والمرتبطة بالنزاع السوري». وأشار الى «أن في لبنان مجموعات «معدية» وهذا واقع يجب ان نعترف به، الا انه في النهاية من السهل الحديث عن هذا الموضوع لكن من الصعب تنفيذه».
جنبلاط: للتنبه إلى إسرائيل
من جهته، دعا رئيس جبهة النضال الوطني االنائب وليد جنبلاط جميع الأطراف والقوى السياسية في طرابلس إلى وقف كل أشكال التمويل والتسليح والتحريض، واعتبر «أن الحدث السوري يفترض ألا يلهينا عن التنبه لما يجري من قرع لطبول الحرب في إسرائيل وتعريض لبنان مجدداً لمخاطر كبرى».
علي يجيب سليمان
من جهة أخرى، رد السفير السوري علي عبد الكريم علي على تصريح رئيس الجمهورية ميشال سليمان بأنه في انتظار اتصال من الرئيس السوري بشار الأسد وتقويمه للعلاقة معه. وذكّ علي في حديث إلى «إذاعة النور»: بضرورة «تحصين الوضع الداخلي اللبناني وتحصين الحدود ومنع تسريب السلاح والمسلحين وعدم الاستجابة للضغوط الدولية للتصويب على سوريا ولو أخذت أي عنوان من العناوين أكانت إنسانية أم إغاثية أم أي شيء آخر. هناك علاقة أخوية تربط البلدين، هناك اتفاقات ناظمة لهذه العلاقة وسوريا حريصة على احترامها وعلى أفضل علاقة أخوية مع هذا البلد الشقيق. هناك تنسيق نرجو أن يبقى حارا ومستمرا على مستوى القيادات كلها وهذا فيه مصلحة لسوريا كما للبنان. أنا أظن أن النشاط المحموم الذي تقوم به الوفود الأميركية والأوروبية والضغوط التي تنشرها وسائل الإعلام اللبنانية والدولية تحمل هذا الجواب». ورأى أن «ما يجري على الحدود بين لبنان وسوريا يعاكس تماما سياسة النأي بالنفس التي تتبناها السلطات اللبنانية تجاه الوضع في سوريا».
المخطوفون: شربل متفائل
على صعيد آخر، بقيت قضية المخطوفين اللبنانيين الأحد عشر في سوريا بين أخذ ورد بين الحكومة وأهاليهم. وأمس أكد الوزير شربل امام وفد من الأهالي أن الحكومة لم تترك المخطوفين يوما، وان رئيس الجمهورية سليمان لم يترك فرصة الا وطرح فيها الموضوع، لافتاً الى انه وخلال جلسة لمجلس الوزراء، اضطر سليمان الى مقاطعة الجلسة للتحدث الى رئيس الحكومة التركية في هذا الموضوع، كما ان الرئيس ميقاتي يبذل جهدا في هذا الاطار. مؤكدا ان التفاوض مع الاتراك يجري بعيدا من الاعلام.
خلايا نائمة
أكد الرئيس نجيب ميقاتي، في دردشة مع الصحافيين عقب الاجتماع الموسّع الذي عقد أمس في منزله بطرابلس، أنه «يمكن القول إننا نمون على 60 إلى 65 في المئة من الكوادر في منطقة باب التبانة، والضغط عليهم من أجل ضبط الوضع الأمني في المدينة»، لافتاً إلى أن هؤلاء الكوادر «يعقدون حالياً اجتماعاً مع وزير الداخلية مروان شربل في قاعة جانبية، من أجل اتخاذ وترتيب الخطوات العملية لذلك».
وأبدى ميقاتي خشيته من تصدير الأزمة السورية إلى لبنان، مشيراً إلى أن «حفظ الأمن يقتضي أن نبقى متيقظين، لأن هناك خلايا نائمة تعمل على تفجير الوضع في المنطقة كلها، وقد قبض على بعض منها في الأردن مؤخراً».
وإذ اعتبر أن «كل الاحتمالات مفتوحة»، أكد أنه «ليس هناك حل دائم للأزمة في طرابلس، ولكن نسعى إلى احتواء الوضع وعدم انفلات الأمور». وأضاف: «قلنا لكوادر باب التبانة فوّتوا الفرصة على من يريد جرّ المدينة إلى مشاكل». ورداً على سؤال عن كيفية التفاهم مع الطرف الآخر في المدينة (أي جبل محسن) لإرساء الاستقرار، قال: «سنجد وسيلة لذلك».
وعما إذا كان يرى أن الاشتباكات الأخيرة في طرابلس رسالة سياسية له، أجاب ميقاتي: «لقد وصلتني رسائل أكبر من هذه الرسالة». وعن مطلب المعارضة تقديم استقالة حكومته أولاً لحل الأزمة في لبنان، قال: «هذا أسهل شيء».
وعندما سئل ميقاتي هل اتصل بالرئيس السوري بشار الأسد معايداً بمناسبة عيد الفطر، ردّ قائلا وهو يغادر المكان: «ما في بالعادة».