بـ«مناورة» يتيمة، قدّم رجل دين معروف نفسه منافساً لـ«المقاومة الإسلامية» كقائد لـ«المقاومة الإسلامية العربية»، لكنه أوقف أمس بشبهة التعامل مع إسرائيل، واقتيد إلى اليرزة للتحقيق معه

أوقفت مديرية استخبارات الجيش أمس الأمين العام لـ«المجلس الإسلامي العربي»، رجل الدين محمد علي ح. في صور، بعد الاشتباه في تعامله مع الاستخبارات الإسرائيلية. ونقلت دورية من فرع المكافحة في استخبارات الجيش رجل الدين المعروف من مكان سكنه في مجمع الرز في صور ـــــ مفرق العباسية مساء أمس، ونقلته إلى وزارة الدفاع في اليرزة للتحقيق معه. وفيما رفضت مصادر أمنية رفيعة معنية بعملية التوقيف تأكيد ما إذا كان الموقوف قد أقرّ بالشبهات المنسوبة إليه أو لا، فإن مصادر أمنية متابعة لملفه ذكرت أنه كان قيد متابعة أمنية منذ مدة طويلة تصل إلى نحو عام كامل عندما حدّد فرع المعلومات في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي معطيات تقنية تشير إلى احتمال وجود صلة له بالاستخبارات الإسرائيلية. ولفتت إلى أنه في إحدى مراحل الملاحقة، جرى تبادل المعطيات بشأنه بين فرع المعلومات وجهاز أمن المقاومة واستخبارات الجيش، بسبب حساسية موقعه. وبقي الرجل تحت أنظار الأجهزة الأمنية، إلى أن أُوقف أمس بعد اكتمال المعطيات بشأنه.
والمعروف عن الموقوف أنه من أكثر رجال الدين الشيعة انتقاداً لحزب الله وإيران وسوريا، ويقف دوماً في الموقف المعارض لهم، داخلياً وخارجياً. ومن المتداول في الأوساط الأمنية والسياسية أنه يتلقّى دعماً مالياً سعودياً لحركته، علماً بأنه كان قد زار السعودية عام 2008 حيث التقى الملك عبد الله بن عبد العزيز. ومن اللافت أن الرجل كان قد أعلن عام 2009 أن لديه قوات عسكرية أجرت مناورة للتصدي للقوات الإسرائيلية تحت مسمّى «المقاومة الإسلامية العربية»، وعرض على شبكة الإنترنت صوراً لمقاتليه خلال المناورة يظهر فيها خمسة مقاتلين، قبل أن يعلن أن عدد المنتسبين العرب إلى قواته بلغ 1500 مقاتل. ولاحقاً، أعلن تجميد الأنشطة العسكرية، علماً بأن تلك المقاومة أعلنت في كانون الثاني 2009 مسؤوليتها عن عملية إطلاق الصواريخ التي جرت باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة حينذاك، لكن لا أحد أخذ ذلك الإعلان على محمل الجد.

في بيتنا أكثر من فيلتمان

في مجال آخر، قبل أن تهدأ ردود الفعل على زيارة مساعد وزيرة الخارجية الأميركية جيفري فيلتمان الأخيرة للبنان، والتحليلات بشأن هدفها والمباحثات التي أجراها، خرجت السفارة الأميركية أمس لتعلن أن مسؤولاً سياسياً ـــــ عسكرياً أميركياً، كان في لبنان، بالتزامن مع زيارة فيلتمان، وتولى على الأرض متابعة ومعاينة ما تريده بلاده من بلاد ثورة الأرز، حيث بقي ليومين في زيارة لم يكشف عنها إلا بعد رحيله بثلاثة أيام، ولم تتردد السفارة في القول إنه طلب، ودعا، ولفت، وحدد ما «على الحكومة اللبنانية» أن تفعله، معلناً مواقف من لبنان مما يجري في سوريا.
الزائر السرّي عرّفه بيان سفارة بلاده أمس بأنه العميد في الجيش الأميركي جون تشارلتون، وأنه زار لبنان من 19 إلى 20 أيار الجاري، بصفته نائب مدير الشؤون السياسية ـــــ العسكرية للشرق الأوسط في مديرية السياسات والخطط لهيئة الأركان المشتركة في البنتاغون. ورغم تحديد السفارة هدف زيارته بأنه لإجراء محادثات مع قيادة الجيش في ما يتعلق بالبرامج العسكرية الثنائية، كادت تتمة بيانها تخلو من أي إشارة إلى هذه البرامج، حيث ذكرت بداية أن تشارلتون أعرب «خلال زيارته للجيش اللبناني»، عن أسف بلاده «للخسائر في الأرواح والتعاطف مع الذين قتلوا وجرحوا في 15 أيار على حدود لبنان الجنوبية، وطلب توضيحاً لما حدث، وشدد على أهمية الحفاظ على أمن قوي للحدود، على كل الحدود»! ثم دعا الجيش «إلى تعزيز جهوده ليؤدي مهمته في جنوبي نهر الليطاني كما يتطلب قرار مجلس الأمن 1701، وبالتالي منع الحوادث التي تزيد حدة التوتر على طول الخط الأزرق».
أما الأغرب في بيان السفارة، فهو التكذيب الضمني لبيان سابق للجيش، إذ ذكرت أن تشارلتون، «رداً على تقارير صحافية» تفيد بأن الأجهزة الأمنية اللبنانية أعادت إلى سوريا «بعض المدنيين السوريين»، و«ضد إرادتهم» بعدما كانوا «قد هربوا إلى لبنان»، لفت المسؤولين في الجيش اللبناني إلى أنّ «على الحكومة اللبنانية أن تنسّق تنسيقاً وثيقاً مع المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في ما يتعلق بوضعهم لاجئين محتملين والامتثال لجميع الالتزامات الدولية»، وذلك بعدما قال إن بلاده «تنظر بقلق بالغ إلى استمرار العنف بحق المدنيين في سوريا»، مع الإشارة إلى أن الجيش كان قد أعلن سابقاً أنه أعاد إلى سوريا جنوداً سوريين من حرس الحدود، وصلوا إلى لبنان «إثر تعرض مركزهم لإطلاق نار من مسلحين»، وأن هذه الخطوة جاءت بعد مراجعة القضاء المختص الذي «أشار بوجوب إعادتهم إلى بلادهم، لأنهم لا تنطبق عليهم صفة اللجوء أو الفرار».
بعد كل ذلك، ذكرت السفارة أن تشارلتون زار المقر العام لقوات اليونيفيل ووحدات الجيش اللبناني في الجنوب، «وقد راقب وسلم بالتحديات العديدة التي يواجهها الجيش» ليفي بمتطلبات الـ1701.