يُجلس ميشال عبود أعوامه الخمسة والثمانين فوق كرسي بلاستيكي في دكانه الصغير في سوق جبيل، متابعاً أحد البرامج السياسية. يشير إلى أن حرب تموز زادته إعجاباً بحزب الله، أما ولاية الفقيه فلا تخيفه: «علاقته بالتيار الوطني الحر بينت أن ما من شيء نخشاه». في متجر الألبسة المجاور لدكانه، تقول جوزفين بصبوص إن الحزب كان شيئاً قبيل الحرب السورية، وصار شيئاً آخر اليوم.
فهو «السد المنيع» الآن، و»أنا كمؤمنة أعتبره حامي مقامات طائفتي في سوريا»، مع ملاحظتها وفاءه لحلفائه أكثر من كثيرين، وصدق وعوده لجمهوره. أما خالد الذي يدير متجر أحذية في السوق نفسه، فيخالف خيارات الحزب السياسية ولا يوافق توجهاته الاستراتيجية، وهو مقتنع بسعي الحزب لتكريس تبعية للبنان لولاية الفقيه، و»أنا من طرابلس ورأيت ماذا فعل الحزب في 7 أيار». لكنه لا يخفي رغم هذا كله إعجابه بدفاع الحزب عن أرضه وطريقة قتاله المتقدمة. ويجذب السؤال حنا عتيق (غير الحنون) فيقترب ليسأل كيف يخاف أحدهم حزباً يستشهد خيرة شبابه للدفاع عن أرضهم وأعراضهم. فمن تعنيه كرامته بهذا الشكل، يحترم دون شك كرامات الآخرين. وملوحاً بيده، يقول: هؤلاء فركوا أنف الجبروت الإسرائيلي. بدورها، تبدو أستاذة المدرسة المتقاعدة أنطوانيت نون التي تساعد ابنتها في محل للنظارات حائرة بين تقديرها لتدخل الحزب في سوريا لحماية لبنان، وخشيتها من استعمال سلاحه في الداخل اللبناني يوماً ما. وعلى نحو مشابه، يقول الأستاذ المدرسي داني خوري أثناء تناوله البوظة في أحد مطاعم السوق إن الحزب ليس كسائر الميليشيات التي شاركت في الحرب «لكني أتمنى أن لا يكون لديه أهداف عقائدية دينية، وأنا لست واثقاً من ذلك». وهذه المخاوف تبدو أشبه بالحقائق بالنسبة إلى صاحبة أحد محال الأكسسوار في السوق نفسه التي لا زالت تعتقد بأن الحزب سيطبق ولاية الفقيه في حال سيطرته على لبنان يوماً ما. واللافت أخيراً هو تفاجؤ غالبية من سبق تعدادهم بالسؤال عن حزب الله؛ كأن الموضوع لم يعد مطروحاً من أساسه بعدما أصبح «ديموديه»؛ واضح أن الأجوبة الدسمة تتطلب السؤال هنا عن داعش أو تيار المستقبل هذه الأيام، بدل السؤال عن حزب الله.