يقف منتخب ألمانيا أمام أصعب مهمة له في التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا، وذلك عندما يحل ضيفاً على نظيره الروسي، في مباراةٍ أشبه بالنهائي، لأن خاسرها قد يفقد الأمل في التأهّل مباشرة إلى المونديال
شربل كريّم
رغم عدم خسارته أية مباراة في التصفيات الأوروبية المؤهلة إلى المونديال الأفريقي، فإن المنتخب الألماني يبدو مهدداً بدخول معمعة الملحق لحجز بطاقته. والأسوأ أن ألمانيا كانت أحد أفضل المنتخبات أداءً ونتائج في هذه التصفيات، وهي تعدّ صاحبة ثاني أقوى خط هجوم (24 هدفاً في 8 مباريات) بعد إنكلترا (31 هدفاً)، إضافةً إلى أن خط دفاعها كان قوياً بحيث لم يتلقَّ مرمى حراسه أكثر من 4 أهداف.
ألمانيا فازت في سبع مباريات وتعادلت في واحدة، لكنّ الإقصاء لن يكون بعيداً عنها في بلادٍ تحمل ذكريات سيّئة إليها عبر التاريخ. فهناك انكسرت جحافلها العسكرية في الحرب العالمية الثانية بعدما اجتاحت بلداناً عدّة من دون صعوبات جمّة.
وكم تبدو الأوضاع مشابهة حالياً، إذ ينطبق الأمر عينه كروياً. فبعدما تنزّه الألمان في غالبية مبارياتهم ضمن التصفيات، يقفون الآن أمام جملةٍ من العوائق التي قد تجعلهم يعودون منكسرين إلى بلادهم.
الصعوبات ستكون كثيرة أمام الألمان على ملعب «لوجنيكي» في موسكو، وهم أصلاً عرفوا هذا الأمر قبل وصولهم إلى هناك، إذ إن العوامل الصعبة التي يعيشها كل زائر لملعب العاصمة تخطّى في الأعوام القريبة الماضية مسألة درجة الحرارة المتدنية، إذ أضيف إلى هذا العائق «فرش» أرضية الميدان بالعشب الاصطناعي الذي طبعاً ليس المفضّل عند غالبية لاعبي العالم، الذين لم يعتادوا أصلاً الجري فوقه.
واستدرك المدرب يواكيم لوف هذا الموضوع سريعاً، فأقام المعسكر الإعدادي لمنتخبه في ماينتس، على ملعبٍ يتمتع بأرضية مشابهة، أملاً بالعودة من موسكو بالتعادل على الأقل، ذلك أن ألمانيا تتقدّم على روسيا بفارق نقطة واحدة في المجموعة الرابعة، وهي تستضيف في الجولة الأخيرة فنلندا، وهي تعدّ أقوى من آذربيجان التي ستواجه روسيا في مباراتها الأخيرة.
ويمكن القول إن طبيعة «المانشافت» وعقلية لاعبيه قد تجعلهم يتخطّون منتخباً عنيداً أظهر قوته الفعلية في كأس أوروبا 2008، بقيادة مدرب عبقري هو الهولندي غوس هيدينك. ولا يتوقف التفوّق الألماني عند نضوج اللاعبين، إذ إن معنوياتهم يستمدونها من فوزهم ذهاباً على الروس (2-1)، أضف إلى أن روسيا لم تستطع طيلة تاريخها تحقيق أي انتصارٍ على ألمانيا في مباراة رسمية، إذ في 18 لقاءً لعبها الألمان ضد منتخب روسيا أو الاتحاد السوفياتي خسر ثلاثة فقط، آخرها عام 1985.
أما المعركة المنتظرة فستكون نفسها التي تابعها الكلّ ذهاباً، وهي بين اثنين من أفضل لاعبي الوسط في العالم، القائد الألماني ميكايل بالاك، وصانع الألعاب الروسي أندري أرشافين، وهما اللذان قدّما أخيراً أداءً تصاعدياً مع فريقيهما اللندنيين تشلسي وأرسنال توالياً، مؤكدين عدم تأثرهما بالإصابات المتلاحقة التي أبعدتهما لفتراتٍ متفاوتة.
عدم تأهل ألمانيا إلى المونديال سيكون أمراً بعيداً عن المنطق كل البعد، كذلك فإن روسيا بأدائها ونوعية لاعبيها تستحق بطاقةً أيضاً، لكنّ كرة القدم لا تعترف بمنطق نتائج الماضي بل بتلك التي تسجّل في الحاضر.