لم تكن النسخة الثامنة من كأس القارات التي استضافتها جنوب أفريقيا على مدى أسبوعين، كسابقاتها. ورغم تتويج البرازيل باللقب، فإن البطولة أفرزت عدة فائزين، فيما كان منتخبا إسبانيا وإيطاليا أكبر الخاسرين
حسن زين الدين
لا يبدو مبالغاً اعتبار نسخة 2009 من بطولة القارات، الأفضل مستوى وإثارة بين سابقاتها في السنوات الماضية، والأهم من ذلك أنها كرّست واقعاً جديداً في عالم اللعبة، بدأت تباشيره في بطولة أمم أوروبا 2008 التي استضافتها كل من سويسرا والنمسا، حين قدم فريقان من الصف الثاني، هما تركيا وروسيا، مستوى رائعاً تمكنا من خلاله من إطاحة فرق عملاقة، والوصول إلى الدور نصف النهائي، وهذا بالتحديد ما كان عليه الأمر في كأس القارات، التي حفلت بالكثير من المفاجآت أثبتت مقولة أنه «لا كبير في كرة القدم»، بحيث لن يختلف اثنان على أن الولايات المتحدة الأميركية، المغمورة كروياً، أدهشت العالم بتطور مستواها منذ لقائها الثالث أمام مصر الذي تفوقت فيه 3ـ0 وتأهلت إلى الدور الثاني بمعجزة، مستغلة فوز البرازيل على إيطاليا 3ـ0، ثم عاد الأميركيون وأطاحوا إسبانيا، بطلة أوروبا، وكانوا قريبين جداً من تحقيق اللقب بعد تقدمهم 2-0 على البرازيل إلا أن خبرة «راقصي السامبا» في مواقف مماثلة، كانت لها اليد الطولى لتجيير اللقب لمصلحتهم في الرمق الأخير.
كذلك لا يمكن إلا التوقف أيضاً عند الأداء المميز الذي قدمته مصر في مباراتيها الأوليين، حيث خسرت بصعوبة أمام البرازيل 3ـ4 وحققت فوزاً تاريخياً على إيطاليا 1ـ0 بطلة العالم، إضافة إلى جنوب أفريقيا التي كان «انتصارها» مزدوجاً في هذه البطولة، حيث نجحت تنظيمياً في الاستضافة، رغم كل المصاعب والانطباعات المشككة التي سبقت انطلاقة البطولة، وهو ما سينعكس إيجاباً بالطبع على تحضيراتها لاستقبال الحدث الأكبر، مونديال 2010. كذلك إن وصول منتخب «البافانا بافانا» إلى المركز الرابع، بعدما أزعج إسبانيا وخسر بصعوبة 2ـ3، هو إنجاز للفريق الأفريقي، وسيكون بدوره حافزاً لباقي فرق القاراة السمراء، كي تدخل، لم لا؟
بقوة إلى مونديالها الأفريقي الأول، منافسةً، كما فعلت الكاميرون في مونديال 1990 في إيطاليا، لا كمشاركة، كما جرت العادة في باقي المونديالات.

دونغا الفائز الأكبر

بطبيعة الحال، كانت البرازيل الفائز الأكبر باحتفاظها بلقبها وزيادة غلتها إلى 3 ألقاب قياسية، بعد لقبي عام 1997 و2005. لكن المراقبين عن كثب للفريق البرازيلي في البطولة، لا يمكن إلا أن يتوقفوا عند الدور الكبير الذي أداه المدرب كارلوس دونغا، تحديداً، في قيادة «السيليساو» إلى لقبهم، الذي لا يبدو مبالغاً القول، إنه لم يكن ليتحقق لولا بصمته الواضحة. إذ إن البرازيل، رغم تحقيقها اللقب، لم تظهر بمستواها المعهود إلا في مباراتها أمام إيطاليا، وهذه الأخيرة تعاني مشاكل جمّة، وفي الشوط الثاني أمام الولايات المتحدة. هكذا نجح دونغا، في تغيير وجه الفريق الذي سقط سقوطاً مدوياً في كأس العالم 2006 في ألمانيا، ليزرع فيه روحية جديدة، معتمداً في الوقت ذاته على الواقعية في الأداء قبل كل شيء، لذا لم يتوانَ عن إبعاد «رؤوس كبيرة» عن الفريق المشارك في البطولة، وعلى رأسهم رونالدينيو لاعب ميلان الإيطالي، إضافة إلى أدريانو ورونالدو العائد من الإصابة، وكان اعتماده على أسماء جديدة قد نجح في رهانه عليها، وإضافةً إليها، كسب المدرب، الذي قاد بلاده إلى تحقيق كوبا أميركا 2007 وتصدر تصفيات مونديال 2010، هداف جديد، هو لويس فابيانو.
لكن رغم ذلك، في نظرة سريعة إلى أرقام المنتخب البرازيلي، تُظهر أن مرمى «السيليساو» تلقى 5 أهداف وكان عرضة لاهتزازات عدة في البطولة، ظهرت جلية أمام مصر وأميركا تحديداً، لذا لم يكن مفاجئاً، رغم فرحتها باللقب، أن يكون حذر الجماهير البرازيلية كبيراً بالنسبة إلى كأس العالم 2010. وفي استطلاع أجرته صحيفة «أو غلوبو» البرازيلية تبين أن 57 في المئة من القراء المشاركين فيه، يعتقدون أن الفريق البرازيلي لا يزال يحتاج إلى تطوير، فيما يعتقد 25 في المئة أن الفريق لا يزال غير مستعد بعد لكأس العالم.

الخاسرَان الأكبران

رغم احتلالها المركز الثالث، الذي يبدو بالطبع غير كافٍ، لم تظهر إسبانيا، بطلة أوروبا، بمستوى لائقاً كالذي أذهلت به العالم في أمم أوروبا 2008. ورغم افتقادها أيضاً نجمها ومحركها اندريس اينييستا، فإن هذا الأمر لا يبرر عدم وصول إسبانيا، على الأقل، إلى نهائي البطولة، التي كانت مرشحة فوق العادة للفوز بها. هكذا دخل «الماتادور» البطولة في ثوب المنتصر فيها مسبقاً، ما أوقعه في الفخ الذي سبقه إليه «السيليساو» في مونديال
2006.
أما الخاسر الأكبر في البطولة، فكان من دون شك المنتخب الإيطالي، بطل العالم، الذي تابع مستواه المتذبذب منذ خروجه خالي الوفاض من بطولة أمم أوروبا الأخيرة، ما يطرح علامات استفهام كبيرة وجديّة عن قدرة «الآزوري» على الذهاب بعيداً في المونديال الأفريقي، الصيف المقبل!


7.5 من 10 علامة لجنوب أفريقيا المنظِّمة

عبّر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم، جوزيف سيب بلاتر، عن سعادته لنجاح جنوب أفريقيا في تنظيم كأس القارات، ومنحها علامة 7,5 من عشرة تقييماً لاستضافتها، كما أشاد بلاتر، خلال مؤتمر صحافي في جوهانسبورغ، بمجهود داني جوردان (الصورة) المدير التنفيذي للجنة المنظمة للبطولة، بيد أنه لم يخف «وجود بعض المشاكل الثانوية، التي يجب أن نعمل على حلّها».