شربل كريمحوّل المنتخب البرازيلي مباراته مع نظيره الإيطالي (2 - 0) إلى استعراضٍ كانت عائداته الإيجابية والمفيدة على متابعي اللقاء أكثر من الأموال التي حصدها أولئك المنظّمون الأذكياء الذين اخترعوا نوعاً جديداً من «بيزنس» كرة القدم، عبر جعل «ستاد الإمارات» مسرحاً للنجوم ينافس حتى «برودواي»، المسرح الأعظم في العاصمة الإنكليزية لندن، الذي اعتاد احتضان أشهر شخصيات العالم.
فعلاً، إنها فكرة عبقرية جعل ملعب نادي أرسنال ساحةً لاستعراض البرازيليين مهاراتهم في مواجهة أبرز منتخبات العالم في الأعوام الأخيرة، وهي طبعاً تلقى ترحيب الأندية الأوروبية التي تفضّل عدم سفر نجومها مسافاتٍ طويلة باتجاه القارة اللاتينية من أجل خوض مباراة ودّية تعيدهم مرهقين.
إلا أن الأهم في اللقاء الحدث كان العرض الرائع من الجانب البرازيلي دونه الإيطالي، إذ عادت فرقة «السامبا» لترقص مجدداً بعدما «عرجت» لفترةٍ لا بأس بها بقيادة مدربها كارلوس دونغا الذي قهر الإيطاليين لاعباً بعدما تابعوه يرفع كأس العالم في الولايات المتحدة عام 1994، في أسوأ نهائي للمونديال لعباً ونتيجةً.
من دون شك، كانت البرازيل بحاجةٍ إلى فوزٍ مماثل بهذه النوعية من اللعب، وكانت «ضربة معلم» من قبل دونغا بإشراك اللاعبين الذين يعرفون ملعب أرسنال، أمثال مسجّلي الهدفين إيلانو وروبينيو نجمي مانشستر سيتي، والأهم جيلبرتو سيلفا الذي لعب في بيته السابق وكان رجل المباراة برأيي.
هذه المرّة «لم يكن الحق على الطليان» مباشرة في الخسارة، لأن البرازيليين خدعوهم وقالوا لهم إنها مباراة ودّية ثم خاضوها كأنها أشبه بنهائي كأس العالم!
لكن لا يخفى أن المدرب مارتشيلو ليبي سيعيد دراسة أوراقه قبل مواجهة البرازيليين مجدداً في حزيران المقبل، ضمن كأس القارات، وسيعلن حالة الطوارئ قبل 18 شهراً تقريباً من بدء حملة الدفاع عن لقبه العالمي.
كذلك فإن ليبي أضحى يدرك جيداً أن الحظ الذي خدمه في مونديال 2006 لا يمكن أن يسدّ الثغرات الدفاعية الشبيهة بتلك التي جاء منها الهدف الأول بواسطة إيلانو. أضف أنه يفترض به البحث سريعاً عن قوةٍ بدنية في خط الوسط، في ظل غياب «الجرافة» جينارو غاتوزو. والدليل أن اندريا بيرلو الضعيف بدنياً سرعان ما سقط تحت وطأة الضغط، فاستفاد روبينيو وسجّل الهدف الثاني بعدما دوّخ مراقبيه.
ويمكن اعتبار أن ليبي، للمرّة الأولى، لم يحسن اختيار تشكيلته، فضمّ لاعبين لا يجدون مكاناً أساسياً لهم مع فرقهم، أمثال دانييللي بونيرا وأندريا دوسينا وسيموني بيبي... في المناسبة، أين هو نجم إيطاليا الأول أليساندرو دل بييرو؟
وأخيراً، لا بدّ من التوقف عند الحكم هاوارد ويب ومساعديه الذين لم يكونوا بحجم اللقاء الكبير، ووقع الخيار عليهم مجاملةً لأن المباراة أقيمت في إنكلترا، فألغوا الهدف الصحيح الذي سجّله الإيطالي فابيو غروسو غير المتسلّل براية حمقاء، لذا لا شيء لحكامنا اللبنانيين ليتعلموه منهم حتى لا تزداد الرايات الغريبة التي يرفعونها أحياناً، أو لا يرفعونها في حالاتٍ أخرى، وما أكثرها.