لا شك أن الرياضة لا تعرف الحواجز ولا المعوقات وتستطيع الوصول الى أقسى الأماكن حتى وان كانت تحوي مساجين وأحداثا وهذا ما جسدته جمعية CCPA الدنمركية والتي أوجدت لنشاطها حيزاً في السجون اللبنانية
أحمد محيي الدين
امتدت يد الرياضة لتساعد من وقعوا ضحية العيشة القاسية والظروف الصعبة والقدر الظالم والتي أودت بهم الى أقبية السجون لأسباب متنوعة، وكانت اليد لجمعية CCPA عبر رئيسها في لبنان عضو اللجنة الاولمبية مازن رمضان. وبدأ الاهتمام بالأحداث منذ حوالي سنة ونصف، انطلاقاً من ايمان الجمعية بافساح المجال امام الاولاد عموما لممارسة الرياضة، وانطلقت الفكرة عندما قصد وفد من الجمعية قائد الدرك العميد انطوان شكور الذي رحّب بالفكرة وأخضعها للتجربة، وقد سهّلت ادارة السجن عبر العقيد الياس سعادة عمل الجمعية ورحبت بدخول مدرب متخصص منتدب منها. وقدمت الجمعية معدات وتجهيزات رياضية لمجمل الألعاب وتأمين نشاطات غير تقليدية لبث الروح الرياضية وإخراجهم من وضع معنوي قاس وضاغط في السجن.
ويشرح مدرب المشروع، أستاذ التربية البدنية في المدارس الرسمية علي علوية، أن الألعاب والنشاطات تهدف لتنشيط ذهني مثل الألعاب المركبة وتعلم اليافعين احترام قوانين اللعبة، وجرى تطبيق المشروع في سجن رومية واصلاحية الفنار وسجن القاصرات في ضهر الباشق، والمعنيون بالمشروع (أعمارهم بين 14 و20 عاماً) محكومون لفترات متباينة. ويقسم المساجين في رومية الى مجموعات، 15 سجينا في كل واحدة، وتتمرن المجموعة لمدة ساعة اسبوعيا بسبب صغر الملعب وقلة الاحداث ( حوالي 120 في رومية).

العنف... التعاون

وأكثر الالعاب المتداولة هي كرة القدم، ويقول علوية: «ان المساجين كانوا يسعون بداية لإخراج طاقاتهم وكبتهم عبر اللعب بقوة وخشونة تجاه زملائهم، وتدريجا تعودوا على الاهداف التربوية والاجتماعية والتعاون والانضباط، ولمسنا تحسنا نحو تحقيق الأهداف المنشودة بعد حوالى أربعة أشهر.
وعن المساجين الاحداث يردف علوية انه لمس تجاوباً كبيراً وتفاعلا مع الحصص الترفيهية، مضيفاً:«اضطر أحيانا للتعامل بشدة والتساهل أحيانا».
وتكمن صعوبة المهمة داخل السجن في ترغيب السجين للقيام بالمهارات واستقطاب الكثير منهم والسيطرة عليهم عبر هذه النشاطات، وادارة السجن تسهّل لنا الكثير لتطوير العقلية والترفيه.
وعن الأمور السلبية التي تواجه القيمين على المشروع يشير علوية الى صغر مساحة الملعب في سجن رومية، ووجود حالات متأصلة بعادات في مرحلة ما قبل السجن تؤثر سلبا على باقي المساجين. وكان عدد كبير من المساجين قد توجه برسالة شكر الى CCPA بخط يدهم، وقد جهزت الجمعية شهادات مشاركة لهم.

الفنار... القاصرات

ويوضح علوية أن اصلاحية الفنار تابعة لوزارة العدل، ونشاطاتها تقام بمشاركة مع جمعيات ومدارس وأندية، كون مجالها أوسع من رومية وهي مخصصة للاحداث .
أما عن سجن القاصرات في ضهر الباشق فالعدد كان ضئيلاً لذلك جرى تدريب مشرفة وتجهيزها لتتولى المهمة وتأمين المعدات لها علماً بأن المساحات غير كافية .
وكان المشروع قد بدأ أساسا لفترة محددة وبعد نجاح التجربة وبالتعاون مع المرشدة الاجتماعية ومنسقة جهاز الاحداث، الانسة روز ماري كركر، تم تمديده بناء على تقارير شهرية عن نشاطات الجمعية، ثم تجدد المشروع لستة أشهر ثم لسنة.


رمضان: التدريب يخفف من المعاناة

أشار رئيس الجمعية المهندس مازن رمضان ان التدريب في السجن هو رياضي ترفيهي، ويهدف الى التخفيف عن هذه الفئة التي ظلمتها أسباب العيش الصعبة، وكذلك للتخفيف من معاناتهم ومشاكلهم النفسية عبر الرياضة واعدادهم بشكل افضل للإندماج والإنخراط في المجتمع بعد اطلاقهم من السجن، مؤكداً ان الرياضة للجميع.