ثمة لحظات في كرة القدم تُطبَع في الذاكرة بغض النظر عن جمالها أو قسوتها. لكن في الحالة الأولى يغدو اللاعبون أبطالاً وتخلّد ذكراهم في التاريخ، أما في الثانية فترتبط بهم السمعة السيئة مهما بلغوا من نجومية
حسن زين الدين
بين تألق الفرنسي السابق اريك كانتونا في التسعينيات مع مانشستر يونايتد الإنكليزي، ولمعان البرتغالي كريستيانو رونالدو حالياً مع الفريق عينه، مرّت سنوات كثيرة، إلا أن ما حصل في 13 كانون الأول الماضي أعاد عقارب الزمن 13 عاماً إلى الوراء، وتحديداً إلى 25 كانون الثاني 1995، ليظهر أن طيف «الملك» كانتونا مرّ، للحظاتٍ عابرة، في هذه الليلة على هيئة «الفتى» رونالدو الذي ورث القميص الرقم 7 عن أحد أفضل اللاعبين الذين دافعوا عن ألوان «الشياطين الحمر».

نرجسية ومهارة

في 25 كانون الثاني 1995، حصل كانتونا على بطاقة حمراء في مباراة مانشستر يونايتد وكريستال بالاس ضمن الدوري الإنكليزي الممتاز بعد تدخلٍ عنيف على المدافع ريكارد شاو. وبينما كان الفرنسي متجهاً إلى خارج الملعب، وجّه أحد مشجعي الخصم حركة استفزازية إليه، فردّ عليه «طائراً» وركله على طريقة لاعبي «الكونغ فو».
لا شك في أن كانتونا كان «ملك» ملعب «أولد ترافورد»، وعشقه الجمهور المحلي، إلا أن بعضاً من النرجسية والتعالي طبعا شخصيته وأسهما في انخفاض شعبيته، وخصوصاً بعد لقطته الشهيرة. كذلك كان مشهوراً بطريقة احتفاله بالأهداف، حيث يرفع رأسه باستعلاء، حتى إن تصريحاته في بعض الأحيان كانت غريبة ومتناقضة، إذ في كأس أمم أوروبا 2004 مثلاً، أعلن تأييده لمنتخب إنكلترا ضد وطنه الأم فرنسا، قائلاً إن «الفرنسيين مغرورون ويطالبون العالم بأن يعدّهم الأفضل».
هذا الغموض في شخصية كانتونا ربما كان بوابته لأن يطرق أبواباً عدة بعيداً عن كرة القدم، فكان «الملك» روائياً، وشاعراً، ورساماً، ومصوّراً، وممثلاً. كل هذه الفنون جمعتها هذه الشخصية التي رغم نرجسيتها كانت رزينة، وقوية، إذ يكفي قول مدربه «السير» الاسكوتلندي اليكس فيرغيسون مرّة بانفعال: «أكون محظوظاً إن تحدث معي».
في 13 كانون الأول 2008، كان كريستيانو رونالدو متوّجاً حديثاً بلقب أفضل لاعب في العالم، وكان من المفترض أن يكون في مزاجٍ هادئ في مباراة فريقه في الدوري مع توتنهام هوتسبر، لكن ما حصل هو العكس، إذ إن ظفره باللقب كشف جانباً لطالما كان محطّ شك، ليقطعه باليقين: رونالدو لاعب نرجسي بامتياز.
الأمر الذي حدث أن رونالدو خرج مطروداً من اللقاء بعد تلقيه بطاقتين صفراوين، إضافة إلى عدم مشاهدة حكم المباراة لركله لاعب الفريق اللندني مايكل داوسون، لا شيء جديد حتى الآن، فجميع اللاعبين معرّضون للطرد، لكن رونالدو لم يكتفِ بذلك، إذ عند خروجه من الملعب رفع أصبعه متوجّهاً بنرجسية إلى الجماهير، بأنه الرقم واحد في العالم!
هذه الحادثة ليست الأولى في مسيرة البرتغالي، إذ كان طرده مرةً في لقاء ضد مانشستر سيتي مدعاة لخلاف في التمارين مع زميله السابق في الفريق الهولندي رود فان نيستلروي. وهي جاءت لتضاف إلى تراكمات من التصريحات المغرورة للاعب، وليس بغريب أيضاً أن نرى البرتغالي عند تسجيله الأهداف يرفع رأسه متوجّهاً للجماهير، كمن يحاول السير على خطى كانتونا.


زيدان نجم غامض