شربل كريممحقٌ هو مدرب منتخب كرواتيا الشاب الجريء سلافن بيليتش في ما قاله إن مشكلة المنتخب الإنكليزي لكرة القدم هي في أن الدوري الممتاز والأندية يبدوان أكبر منه، في إشارة إلى «منع» بعض مدربي هذه الأندية للاعبين الإنكليز من الالتحاق بصفوف المنتخب الوطني الذي يعيش حالة إحراج منذ فشله في التأهل إلى نهائيات كأس أوروبا 2008. الجدل الحاصل الآن هو عن غياب أوين هارغريفز المصاب بحسب مدربه في مانشستر يونايتد «السير» الإسكوتلندي أليكس فيرغيسون، وستيفن جيرارد الذي خضع لعملية جراحية بإيعاز من مدربه الإسباني رافايل بينتيز عشية خوض منتخب «الأسود الثلاثة» مباراة حساسة إلى أبعد الحدود أمام كرواتيا التي حرمته حلم المشاركة في البطولة القارية، علماً بأنه كان بإمكانه تأجيل العملية لأيام قليلة بعدما تغاضى عنها لفترة غير قصيرة، وتناول المسكنات للمشاركة في مباريات «الحُمر».
طبعاً، مشكلة المنتخب الإنكليزي تكمن أولاً في أنديته التي لا تكترث أصلاً سوى لنتائجها، وتستقدم حتى الناشئين الأجانب على حساب المحليين، وهذا كله مردّه إلى المدربين الوافدين من مختلف البلدان الأوروبية الذين لا يعنيهم ما يمكن أن يحققه منتخب البلاد التي يعملون فيها موقتاً، وهم يستغلون فترة المباريات الدولية للالتفاف على القوانين وإراحة لاعبيهم توفيراً لجهودهم، وهذه آفة أضحت قاسماً مشتركاً بين الأندية الكبرى في أوروبا، إذ ما حدث في إنكلترا هو نسخة طبق الأصل عن فعلة ريال مدريد بطل إسبانيا الذي كذب مدّعياً إصابة نجمه السابق البرازيلي روبينيو لمنعه من المشاركة مع منتخب بلاده في أولمبياد بكين 2008.
لكن الحق يقال إن المسؤولية في هذا الموضوع لا تقع فقط على المدربين الذين هم في قلب معركة «الأندية ضد المنتخبات»، إذ إنهم يعتمدون استراتيجيات هدفها الحفاظ على رؤوسهم في ظل تلك الحرب الشعواء، وهذا الأمر لا تضمنه سوى أقدام اللاعبين المميزين.
إذاً المسؤولية تقع بالدرجة الأولى على أولئك اللاعبين الذين لا يحترمون ألوان بلدانهم بالتواطؤ مع مدربيهم، مفضلين أنديتهم التي تغريهم بالأموال على الانتماء الوطني، وهي الثقافة الجديدة المنتشرة عند اللاعبين حيث أصبح العنصر المادي السهم الأساس الذي يحدد كل خطوة من خطواتهم.
إنها «الوساخة» بحدّ ذاتها ما يُقدِم عليه
مدربو الأندية الذين يتمتعون بمديح الصحافة المحلية، التي يفترض منها أن توجّه أصابع الاتهام إليهم بدلاً من التصرف بغباء وانتقاد المدرب الوطني «العاجز»، تماماً كما حصل مع مدرب إنكلترا الإيطالي فابيو كابيللو نهاية الأسبوع الماضي.
وبالحديث عن الوطنية وكرة القدم التي بدت أنها تجمع الشعوب عبر لقاءات «الأعداء الأزليين»، أرمينيا وتركيا، كوبا والولايات المتحدة، كوريا الجنوبية وكوريا الشمالية، فهي تبدو هنا في لبنان، للأسف، امتداداً لتوسيع رقعة التفرقة، بسبب بعض الأشخاص الموتورين الذين يحملون معهم ضغينة الشوارع إلى الملاعب، فيضعون مسماراً آخر في نعش لعبة توفيت منذ زمنٍ طويل، ويسجلون أسماءهم ضمن اللائحة الطويلة لأولئك الذين «يقتلون القتيل ويسيرون في جنازته».
اتحاد، جمهور، حكومة... الكل مسؤول الآن عن ذبح اللعبة.