انتهى عصر المدرب الأسطوري «الجنرال» أوتمار هيتسفيلد، وجاء عصر الشباب بقيادة يورغن كلينسمان الذي سيخوض تجربته الأولى مدرباً لأحد الأندية مع فريقٍ عملاق هو بايرن ميونيخ، وهو يصل اليوم مع توجّهات وفلسفة جديدة، آملاً الاحتفال في نهاية المطاف
شربل كريم
يعرف «كلينسي» جيداً أنه يرث مجموعة فائزة محلياً ومتقهقرة أوروبياً، بعد خيبة بطل المانيا في كأس الاتحاد الأوروبي الذي كان مرشحاً بشكلٍ كبير للفوز بها، لذا فإنه يقف أمام مهمة مزدوجة، أي الحفاظ على صورة الفريق البافاري الذي بدا لا يقهر في «البوندسليغه» وإعادته بقوة إلى ساحة مسابقة دوري أبطال أوروبا التي غاب عنها في الموسم الماضي.
ولا يخفى أن بايرن يبدو قوياً جداً مقارنة بالفرق الأخرى في الدوري الألماني، لكنه سيحتاج إلى مجاراة فرق النخبة في القارة العجوز، ليؤكد علو كعبه، وأنه أحد أفضل الفرق في العالم، وهو سيعتمد على أسلوب كلينسمان العصري ليقدّم فصولاً من المتعة على غرار ما فعل المنتخب الألماني بقيادته في نهائيات كأس العالم 2006، حيث حلّ ثالثاً، وهي كانت المغامرة التدريبية الوحيدة للقائد السابق في عالم كرة القدم.
من هنا، يمكن «الحصان الأشقر» (43 عاماً) أن يستفيد من معرفته الكبيرة بإمكانات اللاعبين الأساسيين في بايرن الذين قضى معهم فترة لا بأس بها، أمثال فيليب لام ومارسيل يانسن وباستيان شفاينشتايغر ولوكاس بودولسكي وميروسلاف كلوزه، وقد انضم إليهم حديثاً تيم بوروفسكي من فيردر بريمن. ومعلوم أن «كلينسي» اخترع تركيبة تتناسب مع إمكانات هؤلاء، فلعبت ألمانيا بطريقة بعيدة نسبياً عن تقاليدها، معتمدة على حيوية الشبان بقدر اعتمادها سابقاً على القوة البدنية واللياقة البدنية المرتفعة، والأهم أن الانطلاق إلى الأمام طغى على كل شيء، وهو الثقافة التي تلقفها من الكرة الإنكليزية خلال الفترة المميّزة التي قضاها متألقاً مع توتنهام هوتسبر.
ولطالما صارح الهداف السابق الفائز مع المنتخب الألماني بكأس العالم عام 1990 وكأس أوروبا 1996 بتقديره لأسلوب اللعب الإنكليزي المبني على السرعة والاعتماد أساساً على لاعبي الأجنحة للقيام بجزء كبير من العمل، وهي النقاط التي سيدخلها معه إلى بايرن مع إدراكه طبعاً أن الخطة الهجومية الصرفة قد تخلق له مشاكل في الدفاع، كما حصل العام الماضي في بعض المباريات.
ويمكن القول إن المشكلة قد تكون أكبر هذا الموسم، لأن الفريق البافاري فقد عنصراً مهماً يتمثل بالحارس الخبير أوليفر كان، وقد حلّ مكانه الشاب ميكايل رينسينغ الذي بدا «مهزوزاً» في بعض المناسبات، ويحتاج إلى الشجاعة لمواجهة أضواء النجوم والتجارب الصعبة، علماً بأن بديله سيكون الخبير هانز يورغ بوت القادم من بنفيكا البرتغالي. كذلك لا يضم الفريق لاعبين في خط الظهر أصحاب عقلية دفاعية، إذ إن حتى قلب الدفاع البرازيلي لوسيو وزميله الأرجنتيني مارتن ديميكيلس وبديله البلجيكي دانيال فان بويتن لا يلعبون بحذر، ويندفعون غالباً إلى منطقة الخصم.
ويضاف إلى الملاحظات الدفاعية أن لاعبي الوسط لم يلعبوا كثيراً دور المساعد لتكسير الهجمات قبل وصولها إلى منطقتهم، وخصوصاً الهولندي مارك فان بومل، والبرازيلي زي روبرتو، اللذين لم يلتزما أحياناً بواجباتهما الدفاعية، وهو الأمر الذي يوفره فقط في التشكيلة الشاب أندرياس أوتل من دون أن يأخذ دوراً كبيراً مع هيتسفيلد.
ويحسب لكلينسمان أنه استدرك هذا الأمر باكراً، فخطف بوروفسكي من بريمن لتوفير الثبات بشكلٍ أكبر في الوسط، وخصوصاً أن الأخير أظهر قوة في الكرات العالية والأرضية، ويمكنه أن يخفّف كثيراً من الضغط عن النجم الفرنسي المصاب فرانك ريبيري والتركي حميد التينتوب وشفاينشتايغر وحتى الناشئ طوني كروس الذي سيحظى من دون شك بفرصة أكبر مع كلينسمان المشجع الأول للمواهب الشابة، والدليل أنه فور وصوله استدعى توماس مولر ومهمت إيكيسي من فريق
الشباب.
وتشير التوقعات كلها إلى أن المدرب الإنكليزي الذهنية سيسقط خطة 4 ـــــ 5 ـــــ1 التي اعتمدها هيتسفيلد غالباً، فارضاً خطة قوامها
4 ـــــ 4 ـــــ 2، وهو قال: «أنا لست صديقاً مع 4 ـــــ 5 ـــــ 1 لأنها جافة بالنسبة إلى المهاجم الذي يقف وحيداً في الأمام بين أربعة مدافعين. الكثير من الأندية تغار منا لأننا نملك ثلاثة مهاجمين من مستوى عالٍ جداً، لذا لن أترك أكثر من واحد منهم على مقعد البدلاء».
ويعني «كلينسي» بالمهاجمين الثلاثة كلوزه وبودولسكي وهداف «البوندسليغه» الإيطالي لوكا طوني. والأول يمكن أن يكون القاسم المشترك بين الاثنين، أي إنه سيكون أساسياً بفعل تأقلمه مع زميليه، وستحدّد الجهوزية البدنية لكل منهم قبل كل مباراة من سيلعب
أساسياً.
وبالتأكيد تنفس «بولدي» الصعداء، لأن مستواه المقبول في كأس أوروبا الأخيرة ووصول كلينسمان إلى بايرن سينعشان مسيرته من جديد، إذ على الرغم من أن التقارير الصحافية توسعت في توقع اقتراب رحيله عن النادي، فإن المدرب أكد اعتماده عليه، تماماً كما حصل في مونديال 2006.
وقد أكد اللاعب نفسه أن الوضع سيكون مختلفاً عنه خلال حقبة هيتسفيلد، ومع التشكيلة الهجومية قد يجد نفسه في مركز الجناح الأيسر، تماماً كما كان الأمر عليه خلال البطولة القارية عندما «اخترعه» المدرب يواكيم لوف في هذا المركز.
وعن بودولسكي يقول المدرب المتحمّس: «لقد ساعدته كثيراً عندما كنت مدرباً للمنتخب الوطني، وأعرفه جيداً، شخصياً ورياضياً، لذا أعلم تماماً كيفية التعامل معه. أنا متأكد من أننا سنستفيد منه إلى أبعد الحدود في المستقبل القريب».
وتأتي تصريحات كلينسمان لتدحض جميع الأنباء التي تحدثت عن اقتراب رحيل «الأمير بولدي» وحلول مهاجم شتوتغارت ماريو غوميز مكانه، مضيفاً: «لا أرى في لوكاس لاعباً بعيداً عن منطقة الجزاء، بل أفضّل أن يكون في مركز هجومي محوري، وهو أصلاً يسجل الأهداف داخل منطقة الخصم وخارجها، لا من الأجنحة. يبقى لديه سنتان على انتهاء العقد الذي يربطه معنا، وأنا سأعمل جاهداً لأجعله يشعر
بالسعادة».
وفي مختلف الأحوال تبقى مجموعة كلينسمان قوية وشابة، إذ وحده الفرنسي ويلي سانيول بقي من الفريق الفائز بدوري الأبطال عام 2001، وقد أظهر المدرب أنه مقتنع بما ورثه، والدليل أنه لم يعمد إلى التفريط بالموجودين أو استقطاب آخرين، لا بل كانت العناصر التي ضمّها إلى جهازه الفني أكثر، رغم أنه بدا واضحاً أن الفريق يحتاج إلى صانع ألعاب مميز اعتاد سرقته غالباً من جيرانه، وقد تجاهل هذه المرّة نجم بريمن البرازيلي دييغو وموهبة هامبورغ الهولندي رافايل فان در فارت!
صحيح أن موسم بايرن سيبدأ باللاعبين نفسهم، لكن كل خطوة مع مهاجمه السابق كلينسمان ستكون جديدة، وسيقاس النجاح بميزان دوري الأبطال، والعلامة المرتفعة ستتوقف على مدى ترجمة المدرب لأفكاره الطموحة، في الوقت الذي تبدو فيه إدارة الفريق لأول مرة مستعدة للمغامرة.


انتقالات

يصل نائب رئيس نادي ميلان الإيطالي أدريانو غالياني خلال الـ 48 ساعة المقبلة إلى مدينة برشلونة الإسبانية لدفع عربون مقداره 10 ملايين يورو من أجل إنهاء صفقة انتقال صانع الألعاب البرازيلي رونالدينيو مع المسؤولين في النادي الكاتالوني ووكيل أعمال اللاعب.
وسيدفع ميلان 15 مليون يورو للحصول على خدمات النجم البرازيلي الذي سيحصل بدوره على أجرٍ سنوي يصل إلى 6.5 ملايين يورو.
وهناك حالياً صراع بين رونالدينيو وبرشلونة الذي يرفض مشاركته مع منتخب بلاده في أولمبياد بكين، وقد استدعاه النادي الإسباني مع 15 آخرين للانخراط في التدريب اعتباراً من اليوم.