بدأت «رشا» بمداعبة كرة القدم في سن التاسعة في أرض جلول مع الصبيان، لتنتقل بعدها إلى فريق للبنات مع الجامعة العربية ثم إلى الصداقة
آسيا عبد الله
وحيدة بينهم... «رأيتهم يلعبون في الحي فأحببت أن أشاركهم، وتعلمت شيئاً فشيئاً كل فنّياتهم علماً بأنهم كانوا يبعدونني عن الملعب كلما جئت، لكن لم أكن أكترث». ورغم أن عائلتها مؤلفة من 3 شباب و4 إناث هي الصغرى بينهن، فهي الوحيدة التي تهتم لأمر الكرة!
لا شكّ أن أخاها الذي يكبرها بعامين فقط، والذي كان ينزل إلى ملعب الحيّ ساعدها كثيراً للخروج من المنزل في ظل اعتراض والدتها التي أرادتها أن تكون «أنثى بكل معانيها»، وبالتالي حاولت إبعادها عن جو «الفوتبول»!
«ذكور الحي»، كانوا يرفضون إدخالها إلى الملعب «إلى أن قبلوني وصرت ضمن فريقهم وتعلمت الخشونة». ورشا «تؤكد أن لاعبة كرة القدم الجيدة هي التي تخوض معترك اللعبة مع الذكور»، وهذا ما فعلته إلى أن توقّفت لفترة بسبب الضغوط العائلية والاجتماعية، لكنها لم تقاوم إغراء الكرة النسوية لتعود من جديد إليها. وعن مستوى البنات تقول إنه جيد، لكن بالمقارنة معها «ليس نفس الشيء فنحن أكثر خشونة من اللاعبات الأخريات وقدرتنا أكبر من قدراتهن»، وعن الجمهور تضيف «أريد أن أقول لهم إننا لاعبات كرة قدم ولسنا عارضات أزياء، ونحن ننزل إلى أرض الملعب لتقديم عرض كروي». حديث «رشا» يأتي على خلفية ما حصل أثناء مباراة فريقها مع الأنصار في نصف نهائي الكأس المحلية، والعبارات التي سمعنها، والتي تقول فيها «لا يمكن أن يتقبّلها الشاب، فكيف نحن الفتيات»؟؟
ورغم كل ما مرّ معها، «رشا» اليوم عنصر مهم في منتخب لبنان لكرة القدم، وها هو الوقت قد حان لتفخر بها والدتها، «فقد بقيتُ فتاةً 100%»!
هذا كله في كفّة والارتباط في كفّة أخرى، فـ«رشا» التي أنهت عامها الجامعي الأول لا تزال «تحت النصيب»، هي غير مرتبطة بصديق، وعن ذلك تستبق السؤال فتجيب «إذا خيّرني بينه وبين الفوتبول فسأختار الفوتبول، لكن عندما أكبر فأنا مضطرة لاختيار العريس»، وتضيف «لن أتزوج بلاعب كرة قدم لأنه لن يعاملني كفتاة بل كلاعب مثلي مثله»!

سارة: الكأس لي والعريس أولاً

أما سارة بكري، 19 عاماً، فقد بدأت بلعب كرة القدم في سن السابعة، مع صبيان الحي، وعلى عكس الجميع «كنتُ أمرّ عليهم واحداً واحداً في منازلهم وأدعوهم للنزول إلى ملعب الحي في برج البراجنة لنلعب الفوتبول»، وتضيف سارة «كانوا يشركونني في الدقائق الخمس الأخيرة من المباراة، وعندما يكون هناك افتتاح كانوا يختتمون بي ويعطونني الكأس».
تتألف عائلة سارة من ثلاث بنات وصبي. في البداية عارضت والدتها دخولها هذا العالم، «إلى أن حجزتني في غرفتي يوماً لكنني هربت من الشباك المطل على الطابق السفلي، وكان لي في الطيب نصيب من «القتلة»!
فنياً، تتحدث سارة عمّا يمكن أن تعانيه لاعبة كرة القدم في لبنان، فتقول «أنا بحاجة لأخرج وأرى خبرات لاعبات العالم ليس العربي بل الدول الأوروبية، لنرى مستوياتهم نريد من يوصلنا إلى هؤلاء»! وعن المستوى الموجود محلياً تقول «ليس جيداً، توقعته أفضل من ذلك بكثير، فالأهداف تأتي سهلة جداً، الفريق الوحيد الذي قارعنا مع احترامي للجميع كان الأنصار». وتتطرق سارة إلى تعاطي الجمهور فتختصر الأمر بلا مجاملات بكلمتين «بلا احترام»!!
عاطفياً، سارة مرتبطة بصديق، وإذا طلب منها أن تترك كرة القدم فستفعل، لأن «الفوتبول لن يدوم».
وتختتم سارة الحديث فتتذكر أجمل أهدافها، وهو «ضد فريق الشباب العربي من منتصف الملعب تقريباً، في نصف نهائي كأس لبنان ومن ركلة حرة». أما أكثر الأهداف طرافةً فهو «يوم سدّدتُ الكرة على المرمى فضربت برأس رشا ودخلت المرمى صدفةً»! وتجيب سارة عن السؤال الذي لطالما حيّر الكثيرين، وهو كيف تقوم لاعبة كرة القدم بتهدية الكرة فتقول ضاحكة «أنا شخصياً لا أقوم بتهديتها على منطقة الصدر، لا أحب، قد أهدّيها على أذني أو لساني، لكن ليس في هذه المنطقة»، أما رشا فتتدخل هنا لتضيف «أنا أتناسى أنني فتاة فأكتمها بشكل طبيعي دون أن أشعر بألم، وخصوصاً عندما تكون الكرة التي أقوم بتهديتها قريبة من المرمى المنافس لتكون هدفاً».


عبارات الجمهور لا يمكن ان يتقبّلها اللاعبون الذكور فكيف بنا؟

«مسترجلة»! «حسن صبي»! خارجة عن المألوف! كلها عبارات قد تسمعها لاعبة كرة القدم في لبنان، وإلى مجموعة أسئلة تدور في بال كل إنسان: كيف تعيش؟ كيف ترتبط بصديق؟ كيف يتعاطى معها هذا الصديق؟ وفنياً كيف تركل الكرة وتقوم بترقيصها؟ والأهم كيف تقوم بتهديتها على صدرها؟ لاعبتان بل نجمتا كرة بكل معنى الكلمة، قد تجيبان عن كل هذه التساؤلات وأكثر، من خلال دورة حياتهما منذ الطفولة حتى الآن. رشا محمد وسارة بكري صديقتان وزميلتان في نادي الصداقة، البداية نفسها من ملاعب الأحياء التي لطالما قدّمت أهم نجوم العالم في اللعبة، ومن اللعب مع الصبيان إلى الالتحاق للمرة الأولى بفريق كرة نسوي.


رشا محمد

لطالما أرادتني والدتي ان أكون فتاةً بكل معنى الكلمة، وخافت عليّ من «الانحراف» حين رأتني أمضي وقتي مع صبيان الحيّ نلعب كرة القدم... لقد بقيتُ 100% فتاة!


سارة بكري

والدتي أنا أيضاً عارضت بشدّة وجودي مع صبيان الحيّ في الملاعب، الى ان حجزتني يوماً في غرفتي لكنني هربت من الشبّاك المطل على الطابق السفلي، وكان لي نصيب من «القتلة»!


مارتا ابنة عمّ بيليه!

مارتا فييرا دا سيلفا هو اسمها الحقيقي، يدعونها «مارتا» من مواليد 19 شباط 1986 البرازيل، اختارها الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) أفضل لاعبة في العالم في العامين الأخيرين، كما أحرزت جائزتي الهدّافة والكرة الذهبية كأفضل لاعبة في كأس العالم 2007، حتى باتت تُعرف بـ«إبنة عم بيليه»!