شربل كريم
ماريو بالوتيللي (17 عاماً) والبرتو بالوسكي (18 عاماً)، اسمان لم يتعرف إليهما عالم كرة القدم إلا قبل أسابيع قليلة، إذ قاد الأول الغاني الأصل فريقه إنتر ميلان إلى إقصاء يوفنتوس من مسابقة الكأس، والثاني القطب الآخر في المدينة ميلان إلى الفوز على سيينا في الدوري.
قد يعتقد كثيرون أن قصة اللاعبين مع النجومية تبدأ هنا. نعم، يمكن أن يحصل هذا الأمر في بلدٍ آخر، لكن بالتأكيد ليس في إيطاليا حيث يمكن أن يختفيا بالسرعة عينها التي تركا فيها بصمتهما اللافتة.
قد يستغرب البعض هذا القول عن ثقافة الأندية في بلاد أبطال العالم، لكن الأمر الملموس أن الشعار الذي ترفعه الفرق الإيطالية هو «ليس مهماً كم يبلغ اللاعب من العمر ما دام يمكنه الوقوف على قدميه في الملعب»، والدليل على هذه المقولة كابتن ميلان باولو مالديني الذي بلغ الـ 39 من عمره ولا يزال يجد مكاناً أساسياً في تشكيلة فريقه.
إذاً، تفضل الفرق الإيطالية، وخصوصاً الكبرى منها، الاعتماد على المخضرمين بدلاً من استعراض المواهب الشابة، وهذا بالطبع ناتج من عقلية التعطش لتحقيق الفوز السريع عوضاً عن انتظار الشبان لاكتساب الخبرة الضرورية وتحقيق المطلوب.
طبعاً، فرق إيطاليا ليست أرسنال أو أياكس أمستردام اللذين يعدان مدرسة في تخريج نجوم المستقبل، إذ يصعب أن تجد لاعباً في الـ 22 أو الـ 23 من العمر يلعب أساسياً مع المنتخب الإيطالي بشكلٍ متواصل، وهذا بدا واضحاً في مونديال 2006 حيث كان معدل عمر التشكيلة الفائزة باللقب 30 سنة تقريباً، فيما قد يكون أندريا بيرلو الوحيد تحت هذا الرقم في مجموعة الأساسيين الذين سيدفع بهم المدرب روبرتو دونادوني في كأس الأمم الأوروبية المقبلة.
من هنا، يمكن القول إن تهمة استدعاء لاعبي المنتخب من «مأوى العجزة» ابتعدت عن ألمانيا لتلتصق بإيطاليا، رغم أن الذين يبررون هذا التوجه يرون أنه قائم لحماية اللاعبين الشبان الذين لا يحتمل أكثرهم خوض عددٍ هائلٍ من المباريات في موسمٍ واحد، الأمر الذي قد يقضي على مسيرتهم في بدايتها، ضاربين بالمثل ما عاناه مايكل أوين ورونالدو اللذان سطعا في سنٍّ صغيرة قبل أن يتخبّطا في دوامة الإصابات المتلاحقة.
لكن نسي هؤلاء أنه لو اعتمد الجميع ثقافتهم لما شاهدنا تلك المواهب التي تشغل العالم حالياً، والمقصود هم ليونيل ميسي وكريستيانو رونالدو وسيسك فابريغاس الذين يؤدون دوراً قيادياً في فرقهم رغم صغر سنهم بعدما خطّوا بدايتهم بين الكبار قبل بلوغهم سن الرشد، بينما يظهر أن معدل هذا السن في بلاد «الكالتشيو» كأنه 25 أو 26 عاماً.
نشهد إذاً في الفوتبول الأوروبي تضارب ثقافات حيث تناقض إنكلترا شعار إيطاليا، إذ ليس مهماً صغر سن اللاعب ما دامت موهبته كافية للعب أساسياً، قبل أن تصفه الصحف بالـ«وندر كيد» ويحمله المدرب الوطني إلى منتخب «الأسود الثلاثة»، والأمثلة كثيرة في الفترة القريبة، ولعل أبرزها واين روني وتيو والكوت، لذا يطرح سؤال هنا عن مدى حجم الأسماء الموهوبة الموضّبة في أقبية الأندية الإيطالية بانتظار نفض الغبار عنها. قد يفترض بنا سؤال دينو زوف الذي حمل كأس العالم عام 1982 وهو في الـ 42!