شربل كريّم
ندب صديقي الذي يقوم بزيارة خاطفة إلى إيطاليا حظّه في اتصالٍ هاتفي من ميلانو لعدم تمكنه من حضور مباراة ميلان وضيفه نابولي من مدرجات ملعب «سان سيرو». الأمر كان طبيعياً، لكن ليس بسبب زحف جمهور الفريق الجنوبي إلى ملعب الفريق المضيف كما جرت العادة هذا الموسم احتفالاً بعودة نادي «الأسطورة» الأرجنتيني دييغو أرماندو مارادونا إلى دوري الأضواء، بل لأن اليافع البرازيلي ألكسندر باتو وصل بعد طول انتظار إلى مدينة الموضة.
ويعلم المتابعون عن كثب أن مقاعد «سان سيرو» لم تشهد إقبالاً كثيفاً في المواسم القريبة الماضية إلا في مناسبات معينة، أمثال مباراة «الدربي» في مواجهة إنتر ميلان أو المباريات الحسّاسة لميلان في مسابقة دوري أبطال أوروبا، وقد أضحت الأسباب معروفة، ألا وهي غلاء أسعار البطاقات في إيطاليا!
إلا أنه في أمسية الأحد تخطى جمهور «الروسونيري» جميع الحسابات، من أسعار البطاقات إلى وضع ميلان الخجول على لائحة ترتيب الدوري وفقدانه الأمل منطقياً في اللحاق بغريمه الإنتر، إذ شهد اللقاء تهافتاً للجمهور الذي رسم غالبية أفراده عبارات مختلفة للترحيب بالوافد الجديد حامل القميص الرقم 7 وفيه مسؤولية كبيرة، لأن آخر من ارتداه هو أحد أبرز الهدافين في تاريخ النادي العريق أي الأوكراني أندري شفتشنكو.
أطلق كل من رونالدو وباتو الوعود بهزّ الشباك عشية اللقاء، إلا أن هدفي الأول الساعي إلى إسكات المنتقدين تبخرا مع اختتام باتو (أي البطة باللغة البرتغالية) للمهرجان البرازيلي الذي شارك فيه كاكا، أفضل لاعب في العالم أيضاً بهدفٍ صاعق.
هنا، دخل صديق صحافي برازيلي يدعى غوغا على الخط الذي لم يبرد أصلاً من جراء الاتصالات الساخنة لأصدقاء من مشجعي البرازيل الذين أرادوا «الاحتفال» بهدفي رونالدو، رغم أن بعضهم لم يكن يتابع المباراة مباشرة على الهواء!
وغوغا الذي يعمل لصحيفة «O Estado de Sao Paulo» استهل رسالته القصيرة بسؤالٍ يقول: «هل يشاهد دونغا المباراة برأيك؟»، وذلك ليؤكد لي صحة انتقاداته السابقة لمدرب المنتخب البرازيلي الذي بحسب رأيه فشل في خياراته. ويغمز غوغا هنا من قناة ميلان بطل أوروبا وأندية العالم الذي يضمّ حالياً 7 لاعبين برازيليين لا يتنعم بينهم سوى كاكا بارتداء قميص «السيليساو». وختم غوغا رسالته ممازحاً بسؤالٍ آخر لتأكيد ما قاله لي سابقاً: «هل علمت الآن لماذا كانت زوجة دونغا حتى ضد اختياره مدرباً لمنتخبنا؟».
إذاً لم يشغل باتو ورونالدو فقط جمهور ميلان الذي شجعهما حتى عند إضاعتهما الكرة، بل نشَّط اللاعبان أيضاً خطوط شبكات الاتصالات العالمية بعدما احتكر الأول أخبار وسائل الإعلام المختلفة طوال الأسابيع الماضية في شكلٍ أكبر من «الهستيريا» الصحافية التي سبقت وصول كاكا إلى ميلان عام 2003.
اذاً تأخرت «ليلة الميلاد» في ميلانو، لكنها حلّت أخيراً بولادة نجمٍ جديد اسمه ألكسندر باتو الذي يعوّل عليه ليكون حجر الأساس في ثلاثي القرن الـ 21 مع كاكا ورونالدو على غرار ما كانت عليه الحال في خمسينيات القرن الماضي مع الثلاثي السويدي الذي لم يخيّب الآمال إطلاقاً والمؤلف من غونار غرين وغونار نوردال ونيلس ليدهولم.
- ملاحظة: أنا لست من مشجعي المنتخب البرازيلي.