شربل كريّم
صفعات عدة تلقتها كرة القدم الأوروبية في ليلةٍ واحدة، ما ترك صورة ظاهرةٍ ربما غير مسبوقة، على رغم ان اللعبة في القارة العجوز اعتادت أخيراً النكسات المختلفة الأوجه، أمثال التلاعب بنتائج المباريات والعنصرية واتخاذ الأندية رهائن لعمليات غسل الأموال...
الصفعة الأولى كانت على الصعيد الفني بعدما ظهر جليّاً في المواجهات النارية ضمن دوري الأبطال الأوروبي ان الفرق باتت مستعدة لتسجيل الأهداف بأية طريقة مؤمّنة، متجاهلةً الثوابت الأساسية، فغابت المتعة الكروية وحضرت الحساسيات المفرطة والتدخلات الخشنة.
أما الصفعة الثانية فهي ناتجة من أحداث متعلقة مباشرة بأجواء المباريات، وتختصر بردات الفعل العدائية للجماهير على غرار ما حصل في لقائيْ ليل مع مانشستر يونايتد وبرشلونة مع ليفربول حيث تساقطت المقذوفات من المدرجات المتوترة اعتراضاً على قراراتٍ تحكيمية كارثية.
من هنا، يمكن اعتبار أن ما أقدم عليه بعض حكام مباريات دوري الأبطال في الأمسيتين الأخيرتين كان الصفعة الأقسى في حق الكرة الأوروبية، وثبت ان قرارات هؤلاء الحكام تنعكس بطريقة أو بأخرى على سير الأحداث في الطريق الصحيح، وبالطبع على مسيرة الفرق المتضررة. وفي خضم الجدل الواسع في صحة احتساب الحكم الهولندي فرانك برامهار لهدف مانشستر في مرمى ليل من عدمه، فإنه كان يمكن تفادي الخطورة التي كادت تودي بحياة مشجعين لو تعامل الأول بطريقة تقليدية مع تنفيذ الركلة الحرة، وذلك على رغم التأكيدات القانونية قراره. وإذ كانت صافرات حكم مباراة برشلونة وليفربول اليوناني كيروس فاساراس غريبة في بعض الأحيان، فإن ما اعتبرته الصحف الألمانية “مجزرة” تحكيمية في حق فريقها بايرن ميونيخ أمام ريال مدريد، كان فضيحة حقيقية بطلها الحكم البلجيكي فرانك دو بليكير الذي أطلق صافرات خاطئة في مواقف عدة من دون ان يستعمل صافرته عند تسجيل الريال للهدف الثاني حيث ارتكب راوول خطأ واضحاً على فيليب لام، والثالث حيث وقف رود فان نيستلروي في وضعية المتسلل!
هذه اللوحة التحكيمية البشعة دفعت أحد الأصدقاء في مجلسٍ خاص الى لعن كرة القدم تعبيراً عن سخطه مما تؤول إليه الأمور، فجاء الرد من آخر: “لا تكره اللعبة إكره الحكّام”، في إشارةٍ الى إفساد هؤلاء الأمسيات الكروية الجميلة التي تجعل الكثيرين يتحلّقون حول شاشات التلفزة بحماسةٍ قلّ نظيرها. والحق يقال، أن مقولة “الحكم إنسان في نهاية الأمر وليس مستغرباً وقوعه في المحظور”، قريبة من الاضمحلال، وخصوصاً ان أخطاء الحكام تتفاقم ومبدأ المحاسبة أضحى ضرورة ملحة، إذ ان المدرب يُقال من منصبه واللاعب يُستغنى عنه عند تسجيل النتائج السيئة، فلا يجوز بقاء الحكم “الجلاد” بمنأى عن تطبيق “العدالة”.
وفي موازاة امتداد سوء حالة التحكيم من مونديال 2006 حتى اليوم، تسوء حالة محللي المونديال ودوري الأبطال حالياً في عالمنا العربي، إذ لم يشكّ أي منهم عند انتصاف مباراة بايرن وريال في صحة أي من الأهداف، فمرّوا عليها مرور الكرام ليشرعوا في تحليل حالاتٍ غير مؤثرة، بينما كان معلّقو إحدى القنوات الأجنبية يحكمون على التطورات مباشرة على الهواء ومن دون تردّد. وطبعاً الفارق شاسع في المعرفة...