علي صفا
عدت من القاهرة، حيث حضرت لأيام افتتاح الدورة الرياضية العربية وبعض مبارياتها، وقابلت بعض الزملاء.
قهرتني القاهرة، ولكنني أحبها وأحب شعبها الطيب وتاريخها، وقهرني الافتتاح والكلام بدل الانتظام.
سمعت وقرأت عبارات ود ووحدة ولقاء عربي وثناء على افتتاح مبهر وبحضور زعماء عرب جلسوا فوق في منصة محروسة، حضروا للظهور وكسب الشعبية، ليس جديداً استغلال الرياضة للسياسة عنوان عربي معروف.
افتتاح شارك فيه حوالى أربعة آلاف متطوع، شكلوا مشاهد حضارية لمحطات من تاريخ العرب، لا علاقة لها بالحاضر بكل ما فيها.
ماذا يعني أن نعرض لشعوبنا المتفرجة مشاهد رمزية منذ اسماعيل وهاجر حتى حاضرنا الـ... عظيم، فندهش ونصفق ونتحسّر؟
نرى مشاهد نماء لصحراء العرب، والآن تحترق الخضرة في ربوعنا، ونبتهج لتوحيد ممالك قامت ونغرق في مجاري التفرقة والتجزئة، ونفتخر بعلوم عصر النهضة الخوالي والأميّة تتفشى بين جماهيرنا، ونعتز بانتصارات مقاوماتنا الغابرة في حين يجابه البعض مقاوماتنا الحاضرة الباسلة؟
ما معنى كل هذا الانفصام في مهرجانات الرياضة بين تاريخنا وحاضرنا؟
***

وخرجت من هذا العرض المشهدي الـ... مبهر من تاريخنا الـ... عظيم. ووقفت خارجاً في باحة ستاد القاهرة مع رتل من الإعلاميين العرب تائهين بين أبواب مغلقة للحراسة، نبحث عن «الباصات» التي أحضرتنا. وبعد ساعة ونصف فتحت الأبواب وعرفنا بالصدفة مكان الباصات بعيداً. لا دليل ولا سائق بينهم يعرف مرجعه ومتى يتحرك، فحللنا المشكلة بطريقة «دبّر حالك»... وتحركنا متأسفين على كل ما شاهدنا.
***

خلال أيام، سمعنا عبارات وكلاماً وإنشاءً، نسمعه غالباً في خطابات الزعماء.
«نوّرتوا مصر، البيت بيتك، أهلاً يا فندم، يا إكسيلانس»...كلام مصري عسل. ورغم كل شيء أحب مصر وشعبها، ولكن كيف نحب من يسيء إليها من المنظمين والمنظّرين.
***

وعدت إلى لبنان، وتنفست هواءه كيفما كان...
أيها الإخوة المواطنون، هذا بلد نادر وجميل، يحتاج إلى «وطن»، فلنعمل خلف من يجمع ويوحّد غصباً عن كل من يفرّق ويتعصب ويتسلّط و«يتأمرك» هنا ... وفي أي مكان وزمان.