إبراهيم وزنه
الرياضة حياة، وقطاع اجتماعي مهمّ من أندية ولاعبين وإداريين ومنشآت وملاعب... يولّد ارادة وقوة وبناء، لذا طالها العدوان الاسرائيلي ليضرب وجودها وحياتها، أصابها بأضرار هائلة، عدا روح الصمود، فكان الانتصار. وفي ذكراه الاولى نضيء على«بطولات» ما بعد الحرب...؟

مع هدأة آلة التدمير الاسرائيلية في 14 آب 2006، انقشع المشهد الرياضي على تضرر المنشآت والملاعب:
ـــــ تدمير كلي لنادي الصداقة ـــــ طريق المطار ولمقرّ الاتحاد اللبناني لكرة اليد.
ـــــ تدمير كلي لمجمع أوزون الرياضي، وقد ابتلعته الأرض.
ـــــ أضرار بالغة لحقت بنادي هاشم مكي للألعاب القتالية في حارة حريك.
ـــــ أضرار كبيرة أصابت عدداً من ملاعب الميني فوتبول في منطقة الضاحية الجنوبية.
ـــــ تدمير جزئي لملعب شباب الساحل في منطقة حارة حريك.
ـــــ يباس العشب الطبيعي في كل الملاعب اللبنانية وخصوصاً في الجنوب.
ـــــ تدمير بيوت عائدة الى عدد كبير من مسؤولي الأندية واللاعبين وأبرزهم: أسامة حلباوي (العهد)، جلال علامة (شباب الساحل)، موسى مكي (العهد)، سمير سعد (مدرب وطني)، رضا عنتر (محترف في ألمانيا)، محمد قصاص (لاعب دولي)، علي ناصر الدين (النجمة) سعيد اسكندر (الحكمة) علي حمود (المبرة) وأحمد الصفح (الساحل). وفي الارواح، الأغلى، فقدت العائلة الرياضية لاعب نادي العهد ياسر نور الدين (17 عاماً) إذ قضى تحت أنقاض مجمع الحسن في المعمورة.

... والرد بالصبر والإعمار

بعد استيعاب الصدمة، وقف المتضررون على مضمار الإعمار، وعملوا ليل نهار لإخفاء معالم الدمار، وعزاؤهم الحقيقي في تحقّق النصر.
سارع مسؤولو نادي الصداقة لكرة اليد إلى إطلاق ورشة البناء على أن يفتتح الملعب المجدد في كانون الثاني 2008، وتشجّع رئيس نادي السد الرياضي (نال رخصته في نيسان 2007) تميم سليمان فأنشأ قاعة جديدة (ستفتتح بعد 3 اسابيع)، وأنشئ ملعب لكرة قدم بمواصفات عالية في بلدة معروب، وأقيمت ملاعب جديدة للميني فوتبول ومجمّعات رياضية متكاملة في بيروت والضاحية وفي مدن صيدا وطرابلس وصور والنبطية.
ومن باب الوفاء للمجاهدين في المقاومة، نظّمت دورات رياضية في نواحي لبنان حملت اسم «شهداء الوعد الصادق»، تحت عنوان الفخار بالنصر المبين فوق حسابات الخسائر المادية «كلّو بيهون فدا الوطن والمقاومة».

انعكاسات الحرب على النشاطات الرسمية

على ضوء تأخر الأندية الرياضية ـــــ وتحديداً كرة القدم وكرة اليد ـــــ في لملمة جراحها وضبط أوضاعها من جديد، تأخر إطلاق بطولاتها الرسمية مراعاةً للواقع المستجد. في كرة القدم: انقسم أهل اللعبة بين تأجيل البطولة وإجرائها، وناشد أشد المتضررين (العهد والريان والتضامن صور وشباب الساحل والسلام زغرتا) إلغاء الموسم، ووقع الانقسام حيال ضم اللاعبين الاجانب، بين منعه ولو لموسم واحد، أو حصره فقط بناديي (الانصار والنجمة) لمشاركاتهما الخارجية عربياً وآسيوياً.

في كرة اليد: ألغيت المرحلة النهائية (المربع الذهبي) من موسم 2006، وتعدّت خسائر اللعبة مليوني دولار. وقبل أيام (10 آب الجاري) أطلق الاتحاد مسابقة البطولة. وفي المعلومات أن الهيئة العليا للإغاثة حددت قيمة التعويضات لاتحاد اليد بـ300 الف دولار.
في كرة السلة: بدت الصورة أقل ضرراً وبقيت ملاعبها سالمة، ومنها أطل لبنان على بطولة العالم للمنتخبات في اليابان، ففاز في 23 آب 2006 (بعد ايام على انتهاء الحرب) على منتخب فرنسا بنتيجة (74 ـــــ 73)، ورأى اللاعبون أن «ما فعلته اسرائيل كان دافعاً أساسياً لتحقيق الانجاز»، قالها نجما لبنان الكابتن فادي الخطيب وروني فهد في اليابان. وسجل منتخب ناشئي لبنان حضوراً مشرفاً في صربيا.

الحرب طيّرت بطولات وأضعفت الإمكانات!

... والحرب، ضيعت على لبنان فرصة تنظيم عدد من البطولات القارية التي كانت مقررة على أرضه، وفي طليعتها، بطولة غرب آسيا الرابعة (كأس الشهيد رفيق الحريري) التي نقلت الى الأردن (نظّمت في حزيران الماضي)، وبطولة آسيا لألعاب القوى التي نقلت أيضاً الى الأردن، إضافة الى بطولة آسيا للاندية في لعبة كرة اليد التي نقلت الى سلطنة عُمان. وبديهي أن تتراجع المستويات الفنية جراء الحرب بتراجع الاستعداد والتمويل، بسبب تضرر الممولين أنفسهم وتعطل عدد من الشركات الداعمة والراعية للحركة الرياضية اللبنانية.

الملاعب ونجومها في الخدمة!

... هجّرت الحرب الآلاف الى الملاعب والمدارس في أنحاء الوطن، فجال رياضيون وجمعيات عليها للترفيه عن الأطفال النازحين الضيوف وتخفيف المعاناة، فدربوا وشاركوا في مباريات استعراضية. وفي الشمال، استقبلت نوادي طرابلس والسلام زغرتا العائلات النازحة وقدمت ما يلزم للصمود، وقام رياضيوها بدور ترفيهي تدريبي للصغار، كذلك حوى ملعب برج حمود البلدي نحو 80 خيمة في خدمة الوافدين.

رياضة ما بعد الحرب... منقسمة!

بعد انتصار الوطن والشعب، انعكست مواقف أهل الرياضة سلباً، خصوصاً في مواقع القرار الرياضي، فزادتهم انقساماً وفتفرقت الاتحادات وغاب مضمونها، واستفحل العداء بين بعض الأندية وإدارييها، وبرزت الاختلافات مجدداً في عملية تشكيل الاتحادات واللجنة الأولمبية. واليوم تلفظ خمسة اتحادات أيامها الاخيرة بعدما نخرت السياسة في الجسم الرياضي. فحوّلت مبدأ «الرياضة تجمع ما تفرقّه السياسة» الى «السياسة تُغرق أهل الرياضة»... على أمل الإنقاذ.