علي صفا
حفلت أجواء لبنان أخيراً برطوبة عالية خانقة في مناخنا الفضائي، وانقطاع في الكهرباء سوّد ليالي الناس أكثر من سواد وجوه مسؤوليها، وجفاف عال لمبادرة فرنسية تنذر بحرب، ورعود انتخابية قد لا تحمل المطر، وعلى رغم هذا فرض نهائي كأس أمم آسيا لكرة القدم حضوره على الجميع فتجلت «عروبة الكرة» فقط على عرابيها.

***


نطل على المشهد الكروي النهائي وسط أفراح عراقية وحسرة سعودية على سقوط الكأس من يدها.
العراقي الفائز كسر كل مرايا التكهنات والتحليلات والسجلات والمصروفات والراحات، وقطف الكأس بالإرادة والانضباط بتكتيك ناجح فكّك به صفوف منافسه السعودي وقدراته. وطارت الأفراح العراقية من بغداد الى مصر فتطوان تعاطفاً مع الجريح الذي استحق الفوز. ولكن ما شوّه الأجواء ويستحق «الطرد» هو بعض الإعلاميين المراهقين «المدحوشين» في فضائيات ناقلة للحدث مدّت برامجها للتحليل والتعليق والتبريك بضيافة أشخاص رموا بآراء موحّلة بالسياسة والعواطف الفارغة.
من الأردن، هاجم متحدث قوى الشر في العراق. وضيف جدة سحب ساطوره مجدداً على المدرب البرازيلي وتشكيلته الأخيرة.
ومقدم البرنامج السعودي احتار كيف يوازن كلامه بين محطته وضيوفه وعشيرة جمهوره الأخضر!
خرجت جماعة عن إطار المباراة الرياضي وأغرقتها في السياسة والعواطف والتبريرات و«عدم التوفيق» وغباء المدرب الذي أمطروه ومنتخبه قبل يوم واحد بأجلّ عبارات الثناء.
مصيبة... هذا الإعلام ودوره السلبي وتحامله المتواصل على قوافل المدربين، لدرجة أن المنتخبات والفرق السعودية تشهد أعلى نسبة تغيير مدربين في العالم بسبب ضغوط هؤلاء «العباقرة» الإعلاميين الذين يكتبون ويديرون معظم البرامج الرياضية من دون تمرّس أو تخصص في الإعلام واللعبة.
وأمام هذا التخلف الحواري برز الضيوف، المدربان المصري محسن صالح والسوري نزار محروس والسعوديان ماجد عبد الله وخالد الشنيف، بآراء وتحليلات رياضية بحت وكلام موزون يفيد المشاهدين، وجميعهم كانوا لاعبين نجوماً...
الإعلام هو المرآة، هو الدليل، فكيف يكون الدليل أقل كفاءة ووعياً من الحضور والضيوف والمدربين واللاعبين؟
أيّ كرة وأيّ إعلام... وأي مستقبل؟!

***


سأل مقدم الحلقة ضيوفه: من المسؤول عن خسارة المنتخب السعودي؟ ونسي الولد أن المسؤول هو المنتخب العراقي.

***


بعد كل فوز للمنتخب الأخضر كانت تنهال تصريحات من اللاعبين والإداريين «فزنا بتوجيهات صاحب السمو وصاحب الـ...»، ولا علاقة للجهاز التدريبي بالفوز.
وبعد خسارة النهائي غابت التصريحات طبعاً ربما بسبب «غياب التوجيهات». فمن هو المسؤول؟
متى نتعلم الكلام... بلا توابل ولا أوهام؟