علي صفا
بين الفوز والخسارة مساحة يحكمها العقل والمنطق والآداب والحسابات بين الآن والمستقبل. الفوز يُسعد ويُغري لكنه يُعمي أحياناً، والخسارة تُحزن لكنها قد تفتح العقول على انتصارات أخرى...
من هنا نقطف مشهد الاسبوع... لنضيء عليه وحواليه...
***

حقق النجمة والأنصار فوزين آسيويين هذا الاسبوع. وهلّلنا جميعاً في وسائل الإعلام، وعلى منصة ملعب المدينة، وطبّل المعلّق وزمّر للإنجاز العظيم، وتمنّى للنجمة الفوز أيضاً (سيكون على حساب فريقه الخاص الأنصار!) وطنطن مسؤولون بتصريحات انتصار وطني رياضي..! رغم أن الفريقين لم يضمنا التأهل بعد.
المهم، مظاهر فرح ومجاملات وتهان بالفوزين العظيمين للبنان ولكرة لبنان، فماذا بعد... ماذا في الجوهر الأهم؟
***

حضر الى الملعب نحو 500 متفرج فقط لمتابعة بطل لبنان (عُشر جمهوره الأصلي)، وعلى المنصة نحو مئة من اداريين وسياسيين وأمنيين وإعلاميين وضيوف آخرين...
وسمع الجميع هتافات من «شلة شغب» نافرة مقرفة ومسيئة لطّخت الجوّ والفوز وصفعت الحضور كلهم، وذكّرت بهتافات شلة سابقة، بين جمهور النجمة، قامت عليها قيامة المسؤولين والإعلام، ونحن بينهم، ببيانات تستنكر تلطيخ ملاعب الكرة وضرب «السلم الاهلي» وإشعال الفتن و...إلخ الى أن صدر قرار بإقفال أبوابها أمام الجمهور!
وفي المشهد الأخير، لم نقرأ ولم نسمع كلمة عن شلة الشغب الأنصارية، لم يصدر بيان عن الأنصار ولا الاتحاد ولا حتى الإعلام الحر ولا المربوط! لماذا وما الموانع وما هي الفروق، وما هي الخسارات؟ ومن يقول الحقائق؟
فاز الأنصار بمباراة لكنه خسر الكثير من الجمهور والاحترام بسبب هؤلاء.
وفاز النجمة بمباراة لكن بعدما خسر حضوره وهيبته داخلياً في الدوري والكأس وخسر جمهوره، بعدما فرزته بيانات إدارته بين مشاغب ونخبة!
وخسر الإعلام الرياضي المعني صدقيته وكسر مرآته، وخسر الاتحاد حياده ودوره المتوازن، حتى الآن، لتجاهله مشاهد الخزي المكررة وعدم استنكاره وقبوله بفتح ابواب وإغلاق أخرى، وخسرت قوى الامن دورها في تنظيف الملاعب، وخسر جمهور الأوادم في قرفهم من الأبطال والحرامية، وخسرت اللعبة عموماً وجهها الوطني والحضاري...
كل هذه خسارات فادحة، تضرب الجميع... فمن يذكر لنا نتائج الفوز الحقيقي والخسائر الحقيقية؟
انها ثقافة الحقيقة... ونحن ننتظرها.