شربل كريّم
«هذه كانت فكرتكم، وتلك كانت فكرتكم!». عبارة قالها بتعجبٍ وبثقةٍ في آنٍ معاً أحد المراقبين الأجانب المتمرسين في عالم الراليات والسرعة في المنطقة خلال مجلسٍ خاص دار فيه الحديث عن رالي لبنان، حيث كان يبدي انطباعاته الايجابية عن السباق المذكور الذي عاصره طوال اكثر من عشرة اعوامٍ على التوالي.
أورد الصديق الانكليزي عبارته هذه انطلاقاً من الحدث الذي شهده الاردن نهاية الاسبوع الماضي، استعداداً لاستضافة احدى جولات بطولة العالم في السنة المقبلة، مذكراً بأن الفكرة لبنانية بالأساس كما هي الحال لجهة استضافة احدى مراحل بطولة العالم لسباقات سيارات الفورمولا 1، حيث كان لبنان السبّاق في رسم شكل الحلبة وتحديد مكان وجودها، لكن من دون أن تترجم هذه الفكرة على ارض الواقع وتتبخر مثل سائر الاحلام الرياضية التي تراود مخيلة اللبنانيين دائماً، فحظيت البحرين بشرف تحقيق الحلم الجميل، تماماً كما ستستمتع ابو ظبي ابتداءً من عام 2009 بدخول الروزنامة العالمية لرياضة الفئة الاولى، لتضيف حلقة اخرى الى سلسلة رياضة السيارات والدراجات في الشرق الاوسط التي تتضمن ايضاً احدى مراحل بطولات العالم، بوجود حلبة لوسيل في قطر لرياضة الدراجات النارية، وقبلها حلبة دبي التي احتضنت سباقاً في بطولة «آي وان غران بري» في 2006...
واذ استخلص الجميع أن الاوضاع السياسية قبل الاقتصادية هي في مقدمة الاسباب التي عرقلت ترجمة الافكار العالمية في لبنان، دار سؤال آخر عن اسباب غياب نخبة السائقين اللبنانيين عن رالي الاردن في موازاة توافد أقرانهم العرب بكثرة للمشاركة، مقابل اكتفاء سائقينا بالتفرّج لغياب الإمكانات بالدرجة الاولى، باستثناء «المهاجر» ميشال صالح (يحمل الجنسية الاماراتية) الذي ابقى اسم بلاد الارز ضمن دائرة سباقات السرعة اقليمياً بإحرازه المركز الثالث. وبالطبع، فإن هذه النقطة تشكل خيبةً لكون ابطال لبنان سبق أن اثبتوا جدارتهم وإمكان تفوّقهم على ابرز سائقي المنطقة، وتحديداً في رالي لبنان الذي مثّل عقدةً حقيقية لأولئك الذين لامسوا العالمية ودأبوا أخيراً على المشاركة في جولات بطولة العالم، التي ستنعكس من دون شك تطوراً على أدائهم مقابل عجزنا عن مجاراتهم لغياب الدعم وعدم وضع الرياضة في مركزٍ متقدّم على سلّم الاولويات. وبدا الوضع مختلفاً تماماً في الاردن، اذ اعُتبر الرالي مسألة وطنية حيث الجميع معنيّ بإنجاحه، والدليل الإشراف المباشر عن كثب للامير فيصل بن الحسين رئيس اللجنة الاولمبية والاردنية لرياضة السيارات، اضافة الى قيام الملك عبد الله بن الحسين والملكة رانيا بجولة ميدانية تشجيعاً للمنظمين وتأكيداًً امام المراقبين الوافدين من جميع اقطار العالم على جديّة المملكة الهاشمية واهتمامها بإخراج سباق السنة المقبلة بأفضل صورة ممكنة.
وهنا يمكن القول إنه لا يستبعد الارتقاء بتفوّق الى مستوى التحدي بشهادة الخبراء الذين اكدوا أن رالي الاردن على سواحل البحر الميت يتمتع بميزات فريدة غير موجودة في المراحل الاخرى، اضافة الى أن القيّمين نفّذوا «ضربة معلّم» عندما سلّموا الترتيبات التنظيمية الى اجانب اصحاب باعٍ طويل على طريقة «أعطِ خبزك للخباز»، وهو ما يرشح الاردن للسير على خطى البحرين التي حازت جائزة افضل تنظيم لسباق فورمولا 1، فيما سنكتفي نحن اللبنانيين بالتصفيق والتهليل وتقديم التهاني آملين ربما استحداث جائزة افضل المتفرّجين!