strong>شربل كريّم
المشهد كان مغايراً هذه السنة في كرة القدم الإيطالية، وكيف لا يكون بوجود يوفنتوس العريق خارج دائرة الأضواء وبالتالي غياب النكهة المميّزة التي يضيفها إلى منافسات «سيري آ» الذي ذهب لمصلحة أنتر ميلان بعدما عانى الأخير عقدة «السيدة العجوز» لأعوام طويلة.
عاد يوفنتوس إلى الدرجة الأولى قبل انتهاء موسم بطولة الثانية التي توّج بطلاً لها نهاية الأسبوع الماضي، إلا أن القصة لم تنتهِ هنا، بل بدأت مع فصل جديد يحمل الكثير من العناوين العريضة التي تلتصق بها علامات استفهام تنتظر أجوبة حاسمة، على غرار ما ينتظر جمهور الـ«يوفي» العريض عودة فريقه إلى موقعه الطبيعي، متصدّراً لائحة ترتيب دوري الأضواء.
وفي ظل انشغال القيّمين على يوفنتوس بالشروع في «ورشة» إعادة البناء واستقطاب الأسماء الرنانة لتعزيز ما سميّ «أضعف تشكيلة في تاريخ النادي» (رغم أنها ضمّت العديد من الوجوه الشابة الواعدة)، فإن الخطوة غير المنتظرة كانت إعلان المدرب الفرنسي ديدييه ديشان استقالته، ليضاف إلى لائحة العمل ملف جديد يبدو الأصعب حتى الآن لعدم إمكان تحديد اسم مدرب بمستوى يوفنتوس، وخصوصاً أن مدربه السابق مارتشيلو ليبي الذي قاد إيطاليا إلى الفوز بكأس العالم 2006 في ألمانيا، استبعد أي احتمال للعودة إلى رأس الجهاز الفني للفريق الذي قاده إلى حصد الألقاب على الصعيدين المحلي والقاري.
ولا يختلف اثنان أنه لا يمكن حتى تخيّل أن التشكيلة الحالية ليوفنتوس يمكنها الظفر باللقب في الموسم المقبل، لذا فإن «السيّدة العجوز» بحاجة إلى «عملية تجميل» من أجل استعادة شبابها الضائع حيث يقف النادي في مهمة مزدوجة لاستقدام لاعبين جدد ومحاولة الحفاظ على أبرز النجوم القدامى.
وتلفت كثيراً النقطة الأخيرة، إذ إن التقارير الأخيرة تشير كلها إلى رحيل الحارس رقم 1 في إيطاليا جانلويجي بوفون إلى أحد قطبي مدينة ميلانو أي ميلان بطل أوروبا أو أنتر ميلان بطل الدوري، وخصوصاً أن «جيجي» قال أخيراً: «لا أستطيع العيش من دون اللعب في مسابقة دوري أبطال أوروبا». وقد يفتح رحيل بوفون الباب أمام منح فرصة للحارسين الشابين أنطونيو ميرانتي وإيمانويلي بيلاردي، رغم أن خطوة اعتماد أي منهما أساسياً تحمل الكثير من المخاطرة، ما قد يدفع إلى الاتجاه لاستعادة كريستيان ابياتي الذي سبق أن لعب مع الـ«يوفي» معاراً من ميلان.
ولا يبدو خط الدفاع قادراً على مجاراة مهاجمي الصف الأول، فرحيل نيكولا ليغروتالي، الذي منذ قدومه من كييفو لم يرتقِ إلى المستوى المطلوب، أصبح وشيكاً، فيما تأكد انتهاء الارتباط بالكرواتي إيغور تودور مقابل بقاء مواطنه روبرت كوفاتش المتذبذب المستوى والفرنسيين جوناثان زيبينا وجان ألان بومسونغ، إضافة إلى إعطاء ثقة أكبر للشاب جورجيو كييليني الذي لعب أساسياً في غالبية المباريات هذا الموسم.
وسيتعزز خط الظهر بقدوم التشيكي زدينيك غريغيرا من أياكس أمستردام الهولندي بعدما كان محط اهتمام يوفنتوس منذ فترة طويلة، إلا أن الحاجة إلى مدافع من طينة الفرنسي ليليان تورام أو فابيو كانافارو تبقى أمراً لا جدال فيه، وخصوصاً أن إمكانات الفريق الدفاعية ستكون أقل في ظل عدم وجود لاعبي وسط، مدافعين على غرار البرازيلي امرسون والفرنسي باتريك فييرا، كما كانت عليه الحال في الموسم الماضي.
ويتوقع أن يكون التشيكي بافل ندفيد وكريستيانو زانيتي وماركو ماركيوني وماورو كامورانيزي عماد وسط الملعب، إضافةً إلى اكتشاف الموسم الموهوب ماتيو بارو، الذي سيكون حاضراً لتعويض رحيل محتمل لكامورانيزي إلى أنتر المهتم بالحصول على خدماته.
ورغم حجز جوليانو جيانيكيدا مكاناً أساسياً له في التشكيلة الأساسية، فإن بحث الـ«يوفي» عن لاعب وسط من مستوى عال يعدّ الهدف الأول حالياً، ودفع الفشل في ضم الدولي الألماني تورستن فرينغز من فيردر بريمن إلى دخول دائرة الصراع على توقيع فرانك لامبارد من تشلسي الإنكليزي، في مهمة صعبة لوقوف عملاقي الكرة الإسبانية برشلونة وريال مدريد على الخط.
وإذ يمكن اعتبار قدوم البوسني حسن صالحميدزيتش من بايرن ميونيخ الألماني إجراءً احترازياً في حال رحيل كامورانيزي، فإن المشكلة الأكبر قد تقع إذا ما تأكدت رغبة الفرنسي دافيد تريزيغيه والبلغاري فاليري بوجينوف بالبحث عن تحدّ جديد، ما يترك أليساندرو دل بييرو هدّاف الدرجة الثانية وحيداً في المقدمة إلى جانب الأوروغوياني مارتشيلو زالايتا والناشئ رافايلي بادالينو. لذا، قد يكون الاتجاه إلى استرداد فابريتسيو ميكولي المعار إلى بنفيكا البرتغالي، في خطوة ستوفر الكثير من المال رغم أنه ينتظر قدوم مهاجم صاحب اسم كبير على صورة ألبرتو جيلاردينو من ميلان.
وأياً تكن السيناريوهات التي ستطفو في الأسابيع القليلة المقبلة، فإن صيف الانتدابات سيكون ساخناً إلى أبعد الحدود بالنسبة ليوفنتوس وسط عدم استبعاد مفاجآت صاعقة باستمرار «تسرّب» نجوم الـ«بيانكونيري» إلى الأندية المنافسة ليزيدوا من محن «السيّدة العجوز» التي «ترجو أن تعود صبيّة، فهل يصلّح سوق الانتقالات ما أفسده الدهر؟».