علي صفا
كرة لبنان، لعبة شعبية أولى. كانت. حالياً شبه مهجورة، وصارت ألعاباً ملونة سياسياً وطائفياً. تضم 146 نادياً في درجاتها الأربع، وتكرج بلا هوية ولا ضوابط، ويصرف عليها سنوياً ما يقارب خمسة ملايين دولار. ماذا تجني؟ وما هو مصيرها أمام أنظمة الاحتراف الآسيوي المفروضة؟

أسئلة عديدة تحوم حول كرة لبنان، وتحتاج إلى إجابات هادفة مباشرة. لهذا كان لقاؤنا مع بيار كاخيا الخبير بواقع كرتنا وأنظمتها وأبعادها ، ورئيس شركة «وورلد سبورت غروب»… وكان هذا الحوار:
¶ كيف ترى واقع كرة القدم اللبنانية حالياً؟
ـ مثل واقع البلد، مداخلات وهيمنة سياسية وزعماء على النوادي ومحاولات تحويلها إلى ذراع سياسية.
¶ وما هو الحل لضبطها؟
ـ بتحويل الأندية إلى مؤسسات، للعمل على نظام احترافي مناسب أو العودة الى الهواية.
¶ وكرتنا حالياً هي هاوية أم...
ـ غير معروفة، لا هاوية ولا محترفة، ومن الضروري أن تتوجه نحو احتراف مناسب.
¶ احتراف بإدارات هاوية؟
ـ هذه هي المشكلة. الاحتراف هو نظام متكامل ويتطلب جهازاً محترفاً متكاملاً.
¶ وكيف ترى المدخل الى الاحتراف؟
ـ بتنظيم الرياضة ككل وتنظيف الأجواء، أولاً بفصل الرياضة عن السياسة لتتحول الأندية الى مؤسسات. وهذا يتطلب قوانين من وزارة الشباب والرياضة لفرض ضوابط ووقف الفساد مع تغيير نمط التفكيرالسائد «كل شيء قابل للشراء» .
¶ كل لعبة يلزمها مصادر تمويل، وعندنا مموّلون أفراد؟
ـ لا بد من وصول النوادي إلى التمويل الذاتي، والمقياس الأوّلي هو حضور الجمهور في الملاعب ومتابعة المباريات، وهذا يجذب مصادر أخرى كالإعلانات والنقل التلفزيوني، ومعرفة مدى اهتمام الجمهور. وكما نرى، فالجمهور عندنا ينفضّ عن ملاعب الكرة لانعكاسات سلبية سياسية وطائفية.
¶ والحلول العامة؟
ـ أكرر إبعاد السياسة عن الرياضة، وتحويل النوادي الى مؤسسات/ شركات، فالشركات يهمّها جذب كل الناس وليس فرزهم وتهريبهم.
¶ وما هو دور التلفزيون الناقل للبطولات الرسمية؟
ـ دوره مهم في جذب الجمهور وإنعاش اللعبة، ولكن لا يمكن إحياء لعبة ميتة، لذا يجب العمل أولاً على إبقاء الروح فيها.
¶ وأين تقع المسؤولية؟
ـ الاتحاد يدير اللعبة عموماً، ويعمل على مساعدة النوادي ولكن النوادي هي قلب اللعبة، والنوادي واللعبة يعيشان حالياً بتنفس اصطناعي مثل البلد؟
¶ كيف ترى العوامل اللازمة لجذب الجمهور الى اللعبة؟
ـ الجمهور هو محرك اللعبة، عندنا الجمهور يشغّل بعض الأندية ولكن الأندية لا تشتغل على جماهيرها. خذ النجمة مثلاً، صاحب الجمهور الأكبر، أين هو جمهوره الآن ومن يشتغل عليه؟ يجب إيجاد روابط بين النادي وجمهوره، وأوّلها «تذكرة الدخول»، على النادي أن ينظّم عملية تذاكر الدخول لجمهوره لجذب أكبر عدد ممكن.
¶ تفاقم الشغب أخيراً في مباريات النجمة، وقبلها في مباريات كرة السلة؟
ـ هذا انعكاس للواقع السياسي والطائفي، ويساهم فيه غياب «الثقافة الرياضية» لدى الجمهور، وهذه يجب تطويرها من أساسها وهي مهمة جماعية. ولندرس تطور حالة الجمهور الإنكليزي بعد حالات من الشغب، كيف صار يجلس قريباً من حدود الملعب وبدون سياج فاصل.
¶ هناك عامل اللاعب الأجنبي وتنقسم حوله الآراء؟
ـ الأجنبي يعني رفع مستوى الفريق، وإلا فالأفضل صرف أمواله على تحضير الناشئين والمدربين للمستقبل، وتجربة معظم أنديتنا فاشلة مع الأجنبي، ويجب ضبطها أيضاً.
¶ لنعد الى الاحتراف، ماذا عن برنامج الاتحاد الآسيوي لإقامة دوري محترفين بحدود عام 2009؟
ـ صحيح، الاتحاد الآسيوي كلّف لجنة لتقديم الاقتراحات لإقامة دوريات محترفة لرفع المستوى، فهناك تفاوت كبير بين كرة شرق آسيا وغرب آسيا، وهذا يفرز الأندية احترافياً، ويطورها للاقتراب من العتبة الأوروبية.
¶ وهذا يضع كرة لبنان أمام سباق؟
ـ طبعاً، ولهذا نقول لا بد من دخول الاحتراف وإلا نصبح على الهامش... ونعود الى الهواية.
¶ حالياً، لاعبونا هواة. فماذا يضبط علاقتهم بأنديتهم؟
ـ عند الفيفا نحن هواة، بأنظمة متخلّفة، لذا علينا أن نحدد هويتنا للمستقبل، فوضع لاعبنا الآن كالمُستعبَد، يوقّع لناد فيعلق، يجب تطوير القوانين بشكل عادل.
¶ تجربة السلة اللبنانية كانت أنجح؟
ـ بكثير، أنطوان الشويري صرف كثيراً على اللعبة. لسنوات أوجد قواعد للناشئين وضم لاعبين أجانب جيدين وصارت بطولة الدوري قوية، ما أنتج منتخبات أوصلتنا الى العالمية.
¶ عموماً، كيف ترى دور الاتحاد اللبناني لكرة القدم في تطوير اللعبة والأنظمة ودخول الاحتراف و...
ـ الاتحاد الحالي قادر بالعناصر الموجودة وبمساعدة الأندية للانطلاق نحو الأفضل إذا كان عندهم نيّة للعمل وبدون مشاكل، وإلا ستبقى المشكلة تراوح واللعبة كذلك.
¶ وتأثير السياسة على الاتحاد واللعبة؟
ـ على الاتحاد أن ينفصل عن مراجعه السياسية في العمل والأندية كذلك، لأنه لا مجال مطلقاً ولا منفعة للعمل على خطين.
¶ ودور الجمعية العمومية؟
ـ دورها طبعاً تقديم المقترحات ومحاسبة الاتحاد، فهي المرجع أساساً والمراقب لما ينفع ويضرّ ويجب أن تلعب دورها...
... هذه باقة آراء من خبير كروي في مجال التنظيم والتسويق في كرة آسيا تفيد حتماً قبل أيام من انعقاد الجمعية العمومية لأندية كرة القدم اللبنانية، يوم الثامن من تشرين الأول الجاري، فماذا ستقول وتقترح، وكيف ستلعب دورها؟