شربل كريم

كُتب الكثير وقيل أكثر منذ إعلان ميكايل شوماخر اعتزاله سباقات الفورمولا 1، وتراوحت القراءات بين إلقاء الضوء على أبرز محطات مسيرته والتوقعات حول سباقه الأخير في البرازيل. إلا أن أحداً لم يذكر أن الحظ حالف كل من عاصر حقبة شوماخر التي سيصعب تكرارها على الأقل في المستقبل القريب.
لطالما تمنى كثيرون (وأنا منهم) لو عايشوا عصر أحد عظماء الرياضة، من “الملك” بيليه و“القيصر” فرانتس بكنباور ويوهان كرويف ودييغو مارادونا في كرة القدم، مروراً بخوان مانويل فانجيو في الفورمولا 1، ومحمد علي كلاي في الملاكمة، وصولاً الى كريم عبد الجبار في كرة السلة، وجون ماكنرو وإيفان ليندل في التنس، وغيرهم من الرياضيين المتفوقين الذين لم يولد مثيل لهم حتى يومنا هذا... صحيح أنني شهدت زمن “أسطورة” كرة السلة مايكل جوردان محلّقاً في ميادين المستديرة البرتقالية ليذهل الملايين حول العالم، لكن تأثير “شومي” كان له طعم خاص ترك أثره راسخاً حيث ستسرد على مسامع الأجيال القادمة قصة بطل فريد، وسيتحسّر هؤلاء على غرار ما عاشه أسلافهم لعدم رؤيتهم الأبطال المذكورين، لو شهدوا بضع لفّات فقط يكون فيها الألماني الفذّ خلف المقود.
نعم، نحن محظوظون لأننا عشنا “أسطورة” استثنائية سواء كنا من مشجعي شوماخر أو من مشجعي منافسيه. هذه الأسطورة لن يحدّد قيمتها إلا الزمن لأن لا شيء سيعوّض غياب “البارون الأحمر” عن حلبات السرعة. لقد حاول بطل العالم فرناندو ألونسو أن يقفز على منصات التتويج احتفالاً بانتصاراته، وذلك على طريقة “شومي”، لكن حركة الشاب الموهوب لم تكن باللون نفسه، لأنه كما هو معلوم أن شوماخر ظاهرة فائقة ستبقى أشباح أرقامها القياسية تطارد السائقين عبر الزمن حتى يقدّر لأحدهم إطاحة هالة “أمبراطور” رياضة الفئة الأولى التي لن تكون أبداً كما كانت في عهده.
حقاً أن النهاية لم تكن على طريقة الأفلام “الهوليودية” الأميركية حيث يخرج البطل غالباً لا مغلوباً، لكن ما فعله شوماخر في موسمه الأخير رغم خيانة المحرك والإطارات له حجب القيمة الحقيقية للقب العالمي لألونسو، وجعل الجميع يقولون: “شومي أنت البطل الحقيقي”...
... وداعاً شوماخر، شكراً على الأسطورة.