شربل كريّميبدو جليّاً أن نوادي الدوري الإنكليزي الممتاز لم تغيّر عاداتها هذا الصيف عبر إصرارها على استقدام اللاعبين أصحاب السمعة المميزة في عالم كرة القدم. وقد ساهم هذا الأمر طوال الأعوام القريبة الماضية في جعل الـ"برميير ليغ" الأفضل على الإطلاق بين البطولات الأوروبية الوطنية. واذ شهدت إنكلترا انخفاض كمية الوافدين الى ملاعبها على أبواب الموسم الجديد، فإنه لا شك في جودة الوجوه الجديدة التي ستشعل الحماسة في أرجاء الجزيرة البريطانية.وعلى غرار بقاء البطولة الإنكليزية محط أنظار عشاق المستديرة حول العالم، واصل تشلسي، بطل الدوري الإنكليزي في الموسمين الماضيين، هوايته في اقتناص خدمات أبرز نجوم اللعبة لتدعيم صفوفه ومواصلة مشواره الناجح من دون مفاجآت غير سارة. من هنا، لم يكن مفاجئاً الى حد ما نجاح المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو والمدير التنفيذي بيتر كينيون في إقناع اسمين كبيرين هما الهداف الأوكراني أندريه شفتشنكو وصانع الألعاب الألماني ميكايل بالاك، بتغيير مكان إقامتهما والانتقال الى عاصمة الضباب لندن. وبالطبع، تسلّح المفاوضون بأموال الملياردير الروسي رومان إبراموفيتش الذي يريد بشدّة إكمال مسلسل تحويل النادي الواقع في غرب لندن، من فريق عادي احتل المراكز الوسطى على لائحة الترتيب سابقاً الى أقوى فريق في العالم.
ويمكن القول إن مكاسب "البلوز" أكبر هذه المرة، إذ إن استقدام شفتشنكو وبالاك سيضيف "كاريزما" هائلة الى التشكيلة بفضل الروح القيادية التي تطبع شخصيتيهما، والتي كانت عاملاً حاسماً في ارتدائهما شارة القيادة لمنتخبي أوكرانيا وألمانيا على التوالي في كأس العالم الأخيرة. وليست مستغربة توقعات النقاد حول إمكانية تسطير فريق الطبقة الميسورة في لندن، اجتياحاً آخر ينتهي برفعه الكأس الفضية التي يعلوها التاج الذهبي في نهاية الموسم، وذلك على الرغم من إحساسه بسخونة الموقف في الرحلة الجديدة بفضل التعزيزات التي أجرتها الفرق المنافسة على صفوفها، وخصوصاً ليفربول الذي وجّه إنذاراً مبكراً الى تشلسي عبر إسقاطه في مباراة "الدرع الخيرية" (2 ــ 1).
إلا أن ما يدعو البعض الى القول إنّ تشلسي هو المرشح "الفافوري" لإحراز اللقب، تلك الإضافة الإيجابية المتمثلة بشفتشنكو وبالاك الى جانب الواعدين العاجي سالومون كالو، الآتي من فينورد روتردام الهولندي والنيجيري جون اوبي ميكيل، المنتقل من لين النروجي، بعد صراع طويل بين مانشستر يونايتد وتشلسي للظفر بتوقيعه. وإذ يرجح أن يلعب الثنائي الأفريقي دوراً ثانوياً في تشكيلة مورينيو، فإن بالإمكان القول إنّ شفتشنكو وبالاك سيكونان العمود الفقري للفريق الطامح الى تثبيت قدميه على الساحة الأوروبية.
لقد فشل تشلسي في بلوغ المباراة النهائية لدوري الأبطال الأوروبي في العامين الماضيين، ولطالما اقترن هذا التعثر بافتقاده الى مهاجم من الطراز الرفيع يستطيع إحداث فارق في المواجهات الكبرى. إلا أن هذه الحجّة لا بدّ أن تتبخر مع وصول "شيفا" لشغل مركز رأس الحربة في الفريق الأزرق. وقد استهل النجم الأشقر مسيرته مع فريقه الجديد، الذي انتقل اليه من ميلان الإيطالي مقابل 56 مليون دولار، بتسجيله الهدف الوحيد في المباراة أمام ليفربول. ويظهر الفارق بين شفتشنكو وأقرانه المهاجمين الذين استعان بهم مورينيو سابقاً، أمثال العاجي ديدييه دروغبا والأرجنتيني هيرنان كريسبو، في أنّ الأوكراني يستطيع إصابة الشباك بطرق مختلفة ومن كل زوايا الملعب، ويجيد استخدام مهاراته الفنية لتحضير الأهداف لزملائه. وسيكون تسجيل الأهداف بوفرة الطريقة الفضلى لشفتشنكو من أجل محو خيبة المونديال حيث قدّم أداءً عادياً بسبب معاناته الإصابة في الركبة، الى جانب بقائه في العزلة لعدم وجود لاعبي الوسط الخلاّقين في صفوف أوكرانيا.
ولا بدّ من أن يستفيد تشلسي من النضج الذي بلغه أفضل هداف في تاريخ المسابقات الأوروبية برصيد 52 هدفاً سجلها مع فريقه الأم دينامو كييف وميلان على التوالي. وينطبق الأمر عينه على حالة بالاك، الذي يبلغ من العمر 30 عاماً على غرار "شيفا"، لا بل يمكن أن يفرز استثمار منحه أعلى راتب في الـ "برميير ليغ" أفضل النتائج الممكنة في ظل تشكيله أفضل رباعي خط وسط في العالم مع فرانك لامبارد والفرنسي كلود ماكيليلي والغاني ميكايل ايسيان. وإذا أظهر بالاك أسلوبه الملهم، الذي ساهم عبره بإحراز "المانشافت" المركز الثالث في المونديال، فإنه سيصبح "ملك إنكلترا" الكروي بعدما حكم الدوري الألماني مع بايرن ميونيخ في المواسم الستة الماضية من دون أن ينجح أحد في إنزاله عن عرشه. ولا يخفى أن بالاك هو اللاعب النموذجي لخوض غمار الـ "برميير ليغ"، إذ يتمتع بتلك القدرة الخارقة التي يملكها زميله لامبارد من حيث كبح المدّ الهجومي للفريق الخصم وتسجيل الأهداف بكثرة من المسافات المختلفة.
وأياً يكن من أمر، فإن رواد ملعب "ستامفورد بريدج" الخاص بنادي تشلسي هم على موعد مع الإثارة التي سيصرّ شفتشنكو وبالاك على تظهيرها لإضافة المزيد من الرقيّ الى الـ "برميير ليغ"، ووضع إنكلترا طوال موسم كامل تحت وصايتهما قبل تتويجهما على عرش الملوكية في بلاد الأرستقراطية والملوك والأمراء.