ثمّة مشكلتان هنا، الأولى، أن معظم هؤلاء اللاعبين، لم يستفد النجمة منهم مادياً لدى مغادرة النادي، إذ إمّا انتهت عقودهم، أو حصلوا على استغناءات. أمّا الثانية، هي في عدم التخطيط الصحيح لكيفية التعاقد مع اللاعبين، ومدى حاجة الفريق لهم، أو مدى قدرتهم على خدمة فريقٍ منافسٍ للحصول على ألقاب جميع المنافسات التي يشارك فيها. لكن النجمة، لا يختلف فعلياً عن الأندية الأخرى في لبنان، ولو أن عدد تعاقداته هي الأكبر (وصل إلى 34 لاعباً في ثلاث سنوات).
34 لاعباً تعاقدت معهم إدارة نادي النجمة في عهدها الجديد الذي بدأ عام 2017
«تكديس» اللاعبين في الفرق، يتم عادةً لأسبابٍ عدّة، أهمّها التغيير الدائم في الأجهزة الفنيّة، إذ قلّما يبقى مدربٌ على رأس الجهاز الفني لفريقه لموسمين متتاليين، هذا إذا لم يتغيّر المدرب أكثر من مرتين في الموسم الواحد. أضف إلى ذلك، عدم وجود لجنة فنيّة في العديد من الأندية، أو مدير كرة. ذلك، إلى جانب أهواء رؤساء الأندية أو الإداريين، في التعاقد مع لاعبٍ أو أكثر، وبطبيعة الحال، قد لا يكون هؤلاء ضمن حسابات المدرب، والأمثلة على هذا الأمر كثيرة، وما يرافقها من مشكلاتٍ بين الإدارات والمدربين أكثر.
مما لا شك فيه أن من غير الممكن أن تنجح جميع صفقات أي نادٍ. بعض اللاعبين قد ينجحون مع فرقٍ ويفشلون مع أخرى، وهذا الأمر، قد لا يكون بالضرورة له علاقة بخيارٍ خاطئ من المدرب، أو بأيًّ ممن يطلب التعاقدات، بل ربما لعدم تكيّف اللاعب مع الفريق، أو بسبب الإصابات أو غيرها من الأسباب الفنيّة وغير الفنيّة. لكن الأكيد أيضاً، أن تعاقد نادٍ مع أكثر من 10 لاعبين كل موسمٍ واحد، يعني أن عدداً من هؤلاء لن يحظى بفرصة اللعب غالباً، ويعني أيضاً، أن الفريق الذي يضم عادةً نحو 20 لاعباً، صار أكبر، وأن بعض هؤلاء اللاعبين، لن يكونوا ضمن حسابات المدرب، وغالباً، سيُستغنى عنهم لاحقاً، والمؤكّد أكثر، أن الاستقرار في الفريق لن يحصل إذا ما استمرت عملية «ضخ» اللاعبين بشكلٍ دوريٍّ، خاصةً مع التغيير المستمر للجهاز الفني.
ما يفعله العهد في سوق الانتقالات، أدّى إلى ظفره بلقب بطولة لبنان لثلاثة مواسم متتالية. هو النادي الأقل تعاقداً مع اللاعبين منذ ثلاث سنواتٍ إلى اليوم، لكنّه أيضاً، لا يختلف عن غيره من الأندية، إلا أن الفارق هو في احتفاظه باللاعبين الشباب الذين صعدوا إلى الفريق الأوّل. فإذا ما قورن بالنجمة، أي في فترة فتح سوق الانتقالات أربع مرات (صيفاً وشتاء)، فهو ضم 15 لاعباً فقط، بينهم 5 أجانب، وبقيَ من هؤلاء خمسة لاعبين فقط. قبل تسلّم المدرب باسم مرمر الفريق أخيراً، كان النادي تعاقد مع ستة لاعبين، بقيَ اثنان منهم. كما في أي نادٍ، لا يكون خيار التعاقدات محصوراً بالمدرب (وهو أمرٌ طبيعي، في لبنان وخارجه)، وبعض اللاعبين قد لا يتناسبون مع رؤية الجهاز الفني.
بشكلٍ عام، أثبتت التجربة أن الاستقرار في الفريق هو الطريق إلى البطولات. الأنصار اعتمد أخيراً على هذا الأمر، ولو أن النادي لا يزال يعمل كل موسمٍ على انتداب العديد من اللاعبين، الذين غالباً، لا حاجة له بهم. الإخاء الأهلي عاليه مستقرٌ على العديد من اللاعبين، كذلك الأمر بالنسبة إلى شباب الساحل، وكلاهما يحققان نتائج جيّدة، أدّت أخيراً إلى ظفر الفريق الأخير بلقب كأس النخبة، ومنافسة الفريق الجبلي. أمّا الأندية التي انتهجت فكرة التغيير المستمر، عانت بشكلٍ ملحوظ، حتّى هبوط بعضها إلى الدرجة الثانية، كالبقاع الرياضي، الذي تخلّى عن العديد من نجومه، والراسينغ، الذي ضمّ عدداً لا بأس به من الوجوه الشابة دفعةً واحدة، وسبقهما أيضاً الشباب العربي.
تبقى هناك حالةٌ واحدةٌ شاذةٌ عن القاعدة، وهي في الفرق التي تصعد إلى الدرجة الأولى. المستوى يختلف بشكلٍ ملحوظ بين الدرجة الثانية والأعلى منها، ما يتطلّب تعاقد النادي مع لاعبين جُدد، ولو أن الاستغناء عن جميع اللاعبين الصاعدين مع الفريق قد يؤدّي إلى نتائج سلبية. البرج مثلاً، اعتمد تغيير فريقه بشكلٍ شبه كامل، لكن الاختيارات الدقيقة من قِبل الجهاز الفني، والتحضير الصحيح، أوصل إلى فوز الفريق بلقب كأس
التحدّي.
تغييرات متأخّرة في الأجهزة الفنية
ثلاثة مدربين جُدد تركوا مناصبهم بعد تعاقد الأندية معهم، حتّى قبل انطلاق بطولة الدوري، على الرغم من أنهم لم يستمروا مع فرقهم لأكثر من شهرين. الفراق الأخير تم بين السلام زغرتا والمحاضر الأردني نهاد صوقار، الذي عُيّن على رأس الجهاز الفني للفريق. صوقار قاد الفريق الشمالي إلى نهائي كأس التحدّي، لكنه لم يستمر بعمله، بسبب انشغاله مع الاتحادين الآسيوي والدولي. سبقه التونسي طارق جرايا في النجمة، الذي أقيل من منصبه، وقبله العراقي مالك فيوري في شباب البرج.
في الوقت الذي من المفترض أن تستعد الفرق خلاله لبطولة الدوري، يستبدل بعضها مدربيها قبل أقل من شهرٍ على انطلاق البطولة. غياب التخطيط الفعلي، يسري أيضاً على الأجهزة الفنية، وليس التعاقدات مع اللاعبين فحسب، دون توسعة الدائرة لتشمل فرق الفئات العمرية.