صحيح أن المواجهة الأخيرة لإسبانيا في تصفيات كأس أوروبا 2016 لكرة القدم كانت أمام منتخب متواضع هو لوكسمبور، لكن الأصح هو ما فعله المدرب فيسنتي دل بوسكي بتوجّهه نحو إدخال منتخب «الغضب الأحمر» في مرحلة جديدة عبر الدفع بمجموعة لاعبين شبان، بغض النظر عن قدرتهم من عدمها على إعادة إسبانيا سريعاً الى منصات التتويج في المرحلة المقبلة.في قراءة للتشكيلة الإسبانية التي خاضت المباراة أمام لوكسمبور، يتبيّن أن دل بوسكي دفع بأصغر توليفة منذ تسلمه مهمات الإشراف على المنتخب في 2008، حيث بلغ معدّل الأعمار 25 عاماً.

وما ذهب إليه مدرب ريال مدريد السابق يشير بوضوح الى إدراكه أنه لا سبيل لديه لإنقاذ رأسه ومنتخب بلاده سوى الاستغناء عن الذهنية التي آمن بها لفترةٍ طويلة، وهي تتمحور حول بعض الأسماء الذين لم يسقطوا من حساباته يوماً، وعلى رأسهم «ابنه بالتبني» الحارس ايكر كاسياس، الذي أزاحه هذه المرة لمصلحة دافيد دي خيا، والأخير كان أساسياً في جميع منتخبات الفئات العمرية، محرزاً الألقاب معها أيضاً، وفي سن الـ 23، بات لزاماً أن يحمل شعلة حماية الشباك التي كانت بشفاعة «القديس» منذ زمنٍ بعيد.
ليس هناك أي مخرج أمام دل بوسكي سوى الإنصات الى ما أوعز به المحللون إليه، بحيث إن متابعة وسائل الإعلام الإسبانية توضح أن الكل في بلاد الأندلس لم يعد مهتماً للنتائج، بل يريد إعادة بناء منتخب وصل الى الحضيض في كأس العالم الأخيرة بعدما دخلها بطلاًً، اضافةً الى تلقيه أربع خسائر في آخر ست مباريات له قبل لقاء لوكسمبور، بينها سقطة مؤلمة أمام سلوفاكيا الخميس الماضي في التصفيات الأوروبية.
اعتمد دل بوسكي أمام لوكسمبور على أصغر تشكيلة منذ تسلّمه المنتخب


المحللون كانوا على حق بنسبةٍ كبيرة لأنه بغض النظر عن مستوى منتخب لوكسمبور الذي يحتل المركز 127 عالمياً، فإن الإسبان قدّموا أداءً مميزاً في مواجهة منتخبٍ قاتل لكي لا يخسر بنتيجة كبيرة (0-4)، ففرض تحدياً على «لا فوريا روخا» من دون أن ينجح في تشويه ما خطّه دل بوسكي.
إذاً حقنة الدماء الشابة فعلت فعلها، رغم أن وجود بعض الأسماء منذ البداية كانت مفاجئة، أمثال الظهير الأيمن داني كارباخال الذي لا يثق كثيراً به المدريديون، ومارك بارترا الذي يعدّ خياراً ثالثاً وحتى رابعاً عندما يرتبط الأمر باختيار المدافعين الأساسيين في برشلونة. كذلك، فإن دخول خوان برنات على الخط سيعطي دافعاً للظهير الأيسر جوردي ألبا بالعمل على استعادة مستواه السابق، إذ إن برنات الذي يبدو «نسخة طبق الأصل» عن ألبا على الميسرة، بات بإمكانه فرض كلمته، وخصوصاً مع تحوّله إلى اللعب في نادٍ كبير هو بايرن ميونيخ بطل ألمانيا، ما سيجذب إليه الانتباه بشكلٍ أكبر.
وحده باكو ألكاسير لم يكن مفاجأة، فهو اليوم البشرى السارة لمستقبل الهجوم في الكرة الإسبانية، ويشير إليه المحللون على أنه حتى أفضل من دييغو كوستا، والأخير بدا مرتاحاً الى جانب مهاجم فالنسيا، فتمكن أخيراً من تسجيل هدفه الدولي الأول بالقميص الأحمر بعد 515 دقيقة عجاف، وهو الذي أخذ الدوري الإنكليزي الممتاز بعاصفته منذ وصوله الى لندن للدفاع عن ألوان تشلسي.
نقطة أخرى يمكن التوقف عندها في حملة التجديد التي قام بها دل بوسكي، وهي نقطة فنية تختص بأحد نجوم الحرس القديم أي دافيد سليفا، الذي يشكّل رأس الثالث الهجومي بتمركزه خلف كوستا والكاسير، ما يجعله خلّاقاً بشكلٍ أكبر، اضافة الى منحه فرصةً لتظهير حسّه التهديفي، وهو الذي يتمكن من استغلال أنصاف الفرص عادة للوصول الى الشباك.
أخيراً، إسبانيا على الخط الصحيح. هذا ما سيتم التوافق عليه خلال فترةٍ قصيرة، إذ من غير المنطقي أن بلاداً سيطرت في الأعوام الأخيرة على الألقاب في البطولات الأوروبية للفئات العمرية ألا تكون قادرة على النهوض بفضل المواهب الشابة التي تعج بها أندية وأكاديميات «الليغا».




كاسياس نحو الاعتزال؟

كشفت إذاعة «ماركا»
أمس أن إيكر كاسياس أبلغ مقربين منه بعد الهزيمة أمام سلوفاكيا نيته ترك المنتخب الإسباني بعد الانتقادات اللاذعة التي تلقاها. ولا يمرّ كاسياس بفترة طيبة، حيث يتلقى انتقادات، سواء مع المنتخب الإسباني أو مع ناديه ريال مدريد، في وقتٍ لم يؤكد فيه المدرب فيسنتي دل بوسكي من سيكون الحارس الأساسي في المباريات المقبلة بعد منحه الفرصة لدافيد دي خيا، حيث لم يستبعد الذهاب نحو اعتماد مبدأ التناوب بين الاثنين.