يحدوه الأمل، وإن كان ضعيفاً، في الوصول إلى مراحل متقدمة في كأس القارات. هو منتخب تاهيتي الذي تعرف قلة عن بلده شيئاً. مع ذلك، جزيرة تاهيتي موجودة الآن على الساحة العالمية، وهي التي يصعب على الجميع، ما عدا سكانها، تحديد موقعها. ويستعد التاهيتيون لليلة تاريخية عندما يستهل منتخبهم مشواره في كأس القارات بمواجهة نيجيريا (الساعة 22,00 بتوقيت بيروت)، حيث سيتعرف العالم إلى أسماء جديدة، منها المدرب إدي ايتايتا و23 لاعباً، 11 منهم من البطل المحلي دراغون، فاللاعب المحترف الوحيد هو مهاجم نانسي الفرنسي ماراما فاهيروا (33 عاماً). وايتايتا كان قد جمع صوراً صغيرة للاعبين المنافسين، وقال للاعبيه: «انظروا، هذا هو شافي، هذا هو إينييستا. ليسوا وحوشاً على الإطلاق، فلا تمكثوا تنظرون إليهم». لا شك في أنهم سمعوا عنهم وشاهدوهم قبل ذلك، لكن تجربة اللعب امامهم ستكون مغايرة، وهي ستقرب تاهيتي اكثر من كرة القدم الاحترافية.
لاعبو تاهيتي سيختبرون معنى اللعب على ملاعب عالمية، منها «ماراكانا» الأسطوري في مباراتهم المرتقبة مع اسبانيا، حيث سيظهر فيها لاعبو إيتايتا لأول مرة على ملعب بهذا الحجم والأهمية، وسيدركون أنّ الأصوات الصارخة التي سيسمعونها لم يسمعوها يوماً. لذا، فقد حاولوا خلال التدريبات في بلادهم تقليد الأجواء من طريق مكبرات الصوت، لكي يتمكنوا من اعتياد صراخ 100 ألف متفرج من دون الشعور بأنهم تحت الضغوط.
وعلى عكس باقي المنتخبات التي ترافقها جماهيرها، فإن أكبر حدث كروي في تاريخ التاهيتيين سيكون من دون مساندة، أو على الأقل بمساندة خجولة جداً، بحيث اقتصرت مبيعات تذاكر مباراة المنتخب الأولى حتى الآن على 10 آلاف تذكرة، وذلك في الوقت الذي لم يكن فيه إيتايتا خجولاً بطلبه من البرازيليين مؤازرة فريقه، قائلاً: «أعتمد على تشجيع الجماهير البرازيلية. أتمنى أن نخترق قلوبهم».
أمل الفوز بأي من المباريات ضئيل جداً، وحتى الخسارة بفارق ضئيل صعب أيضاً، فمنتخب تاهيتي خسر أخيراً في لقاء ودي أمام منتخب تشيلي للشباب 0-7. كذلك طالب مدربه منتخب إسبانيا الذي فاز عليه ودياً 2-1، على وجه الخصوص، بالرأفة، كإعلان أشبه بالاستسلام: «هل من الضروري لبطل العالم أن يدمرنا بعشرين هدفاً، وأن يجعل كرة الهواة موضع سخرية؟ هل سيكون ذلك جميلاً؟ لا أعتقد».
تاهيتي بدأت بالدخول في التصفيات المونديالية منذ 1994 وقبل ذلك لم تكن إلا في الوصافة لثلاث بطولات في قارة أوقيانيا عامي 1963 و1980 قبل أن تحلّ وصيفة للمرة الثالثة سنة 1996. أما أكبر هزيمة في تاريخها، فقد تلقتها عام 2004 من نيوزيلندا 10-0. وفي عام 2009 شارك منتخبها الشاب في كأس العالم للشباب في مصر، وهناك تلقت ثلاث هزائم قاسية 0-8 من اسبانيا وفنزويلا و0-5 من نيجيريا. لكن كل ذلك لم يكسر إرادتها بالوصول، فمع انطلاق بطولة أوقيانيا 2012، شاركت تاهيتي مع ساموا وكاليدونيا الجديدة وفانواتو في مجموعة واحدة، ففازت على الأولى 10-1، وبصعوبة على الثانية 4-3 ومن ثم على الأخيرة 4-1 لتصعد الى نصف النهائي وتقابل المضيفة جزر سولومون وتفوز 1-0. وفي النهائي فاجأت الجميع بالفوز على كاليدونيا الجديدة.
ومع هذا التطور سيسعى منتخب تاهيتي إلى ترك بصمته في البطولة، ومن المؤكد ان «أرض الجبال العالية»، ذي الطبيعة الفرنسية، لن تكون في حسبان عمالقة البطولة، الا أن هذا المنتخب تفوّق على نفسه وتمكّن من قطع شوط كبير في طريقه للوصول الى الاحتراف.