حُكي الكثير عن أسباب السقوط الأخير لريال مدريد على أرضه أمام برشلونة (1-3) الشهر الماضي في الدوري الإسباني لكرة القدم، وقد بدا واضحاً أن المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو لم يتمكن من اختيار التشكيلة الأفضل لإعادة سيناريو المباراة النهائية لكأس إسبانيا، حيث تفوّق للمرة الوحيدة على الكاتالونيين. وانطلاقاً من المباراة المذكورة وبعض المعطيات المشتركة التي شهدتها تلك اللقاءات الخاسرة لريال مدريد، يمكن رسم تشكيلة مثالية للفريق الملكي يكون بمقدورها عكس الآية عندما يلتقي الطرفان الليلة على ملعب «سانتياغو برنابيو» في ذهاب الدور ربع النهائي لمسابقة الكأس المحلية.
إذاً ننطلق من الخسارة الأخيرة للريال أمام العدو الأزلي، ليتضح أن أفضل طريقة لعب يجب أن يواجَه فيها رجال المدرب جوسيب غوارديولا هي طريقة الضغط الكبير في وسط الملعب، التي تحققها استراتيجية 4-3-3، وهو الأسلوب نفسه الذي اعتمده «مو» في نهائي الكأس.
من هنا، يمكن مورينيو اتباع الخطة عينها؛ في ظل غياب الألماني سامي خضيرة الليلة، يستطيع إعطاء شابي ألونسو دوراً دفاعياً في الوسط، رغم أن الجماهير طالبت بمنح البرتغالي بيبي هذا المركز، حيث بقوته البدنية الهائلة يمكنه فرملة نجم «البلاوغرانا» الأرجنتيني ليونيل ميسي، على غرار ما فعل خلال الفوز الوحيد للريال في الموسم الماضي، مانعاً أفضل لاعب في العالم من تسلم الكرة حتى. كذلك، قام بيبي بدورٍ هجومي لافت، وكان قريباً من افتتاح التسجيل، إلا أن كرته الرأسية ارتدت من القائم.
لذا، مع استحالة إعطاء البرازيلي الأصل دور «الكاسحة» في وسط الميدان، نظراً إلى النقص في الخط الخلفي، حيث يتوقّع أن يلعب في قلب الدفاع، لا بدّ من أن يُبقي مورينيو النمط عينه في التعامل مع «عباقرة» وسط برشلونة، عبر عدم تكرار خطأ الأسلوب الذي اعتمده في مباراتي دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي عندما فضّل الانكفاء إلى الخلف ونصب خط الدفاع في موقعٍ متأخر بدلاً من تكوين تكتل في الوسط لتأمين أكبر ضغط ممكن على حامل الكرة.
أما الشريك الدفاعي الآخر في خط الوسط، فلا بدّ أن يكون البرتغالي فابيو كوينتراو؛ إذ سيكون مورينيو مخطئاً كثيراً إن أراد الاعتماد عليه في مركز الظهير الأيمن بعدما فشل فشلاً ذريعاً في هذه المهمة خلال «إل كلاسيكو» الأخير. لذا يفضَّل أن يغطي المساحة إلى يسار ألونسو، وبالتالي الجهة الدفاعية اليسرى عندما يقرر الظهير البرازيلي مارسيلو الانطلاق نحو الهجوم، وبالتالي تكون الحماية مؤمنة تجاه الهجمات المرتدة التي يبرع بها برشلونة. كذلك، لا بدّ من أن يقوم الألماني مسعود أوزيل بمجهودٍ دفاعي إلى جانب صناعة الألعاب التي عاد لتأكيد علوّ كعبه فيها، علماً بأنه قدّم أسوأ مبارياته مع الريال في كل مرّة قابل فيها برشلونة.
وعند هذا النسق، ولخلق التناغم الدفاعي بين الوسط والهجوم، قد يكون المطلوب من البرتغالي كريستيانو رونالدو والفرنسي كريم بنزيما تبديل مركزيهما في وقتٍ معيّن من المباراة، انطلاقاً من أن الأخير يمكنه القيام بمجهودٍ دفاعي أكبر من الأول والمساهمة في عملية الضغط عند تحوّل الكرة إلى الكاتالونيين. أما في الجهة المقابلة، أي اليمنى، فإن عدم تمكّن الأرجنتيني أنخيل دي ماريا من المشاركة لا يفترض أن يخلق مشكلة؛ لأن خوسيه كاليخون لديه ميزات دفاعية ممتازة، وقد أثبت قدراته الهجومية أخيراً أيضاً.
واستناداً إلى عدم قدرة كوينتراو على شغل مركز الظهير الأيمن في ظل غياب ألفارو أربيلوا الموقوف، يفترض أن يذهب هذا الدور إلى الفرنسي لاسانا ديارا الذي يعرف استخلاص الكرات بحذر من دون تلقي الإنذارات؛ إذ من المهم جداً في خطة دفاعية تعتمد على الضغط الكبير دخول لاعبي الوسط الثلاثة والمدافعين إلى الشوط الثاني من دون أن يحملوا أي إنذار، وهذا أمر لا بدّ من أن يحذره بيبي تحديداً؛ لأن ميسي وشافي هرنانديز وأندريس إينييستا يعرفون كيف يمكنهم استدراجه إلى الأخطاء، وهو المعتاد نَيل البطاقات الحمراء.
صحيح أنه رغم اعتماد هذه الطريقة قد يكون برشلونة قادراً على الاستحواذ على الكرة كما يفعل عادة، لكنه لن يتمكن من التصرّف بها بالصورة نفسها التي يظهر عليها دائماً، وهذا ما كان واضحاً في نهائي الكأس، حيث فاز الفريق الاقل استحواذاً على الكرة، لكن الأكثر تحكماً باللقاء.
إذاً، مفتاح النجاح أمام برشلونة هو كيفية حماية الشباك قبل التفكير في تسجيل الأهداف، وتصبح أهمية الدفاع بشكل صحيح مضاعفة في مباريات الكؤوس؛ لأن كل هدفٍ يتلقاه الفريق على أرضه يدفع ثمنه غالياً. فهل تكون هذه الاستراتيجية الممهورة بهذه التوليفة، التشكيلة المثالية الرابحة لريال مدريد الليلة؟