ستيفن جيرارد اسم كان مرادفاً لفريق ليفربول وللعبة في إنكلترا لفترة ليست بقصيرة، وكانت الطموحات التي رُسمت حول لاعب الوسط الموهوب كبيرة، سواء على صعيد النادي أو المنتخب الوطني، واذ أصاب جيرارد مع النادي الذي نشأ فيه إنجازات مختلفة، فإنه كان مطالباً دائماً بالكثير، وانتظر منه عشاق «الحمر» الكثير، لكن مع تقدّمه في السن (سيدخل عامه الـ 32 في أيار المقبل)، لم يبقَ هناك مواسم كثيرة لجيرارد من اجل ترجمة أحلام جماهير ليفربول، ولعل ابرزها الفوز بلقب الدوري الإنكليزي الغائب عن خزائنه منذ موسم 1989ـــــ1990 عندما ظفر به للمرة الثامنة عشرة في تاريخه.
اذاً حقق جيرارد ألقاباً مهمة مع ليفربول، إذ رفع الكأس المحلية في مناسبتين، وكأس رابطة الأندية الإنكليزية المحترفة ثلاث مرات، والدرع الخيرية مرتين، وكأس الاتحاد الأوروبي مرة واحدة، ومثلها دوري ابطال اوروبا، اضافة الى الكأس السوبر الأوروبية، لكنّ هذه الألقاب ناقصة بنظره ما لم يزيّنها كأس الـ «برميير ليغ»، ولهذا السبب رفض منذ موسمين عرضاً مغرياً للانتقال الى تشلسي، وقبلها عرضاً آخر للعب مع ريال مدريد الإسباني. لقد أراد جيرارد دائماً تحقيق حلم الطفولة الذي لا يتمثل باللعب مع احد اعظم اندية العالم كريال مدريد، بل رفع كأس الدوري الانكليزي وعلى ساعده شارة كابتن «الحمر».
وطبعاً كان بإمكان جيرارد أن يحقق هذا الحلم منذ فترة بعيدة، وخصوصاً أن ليفربول كان في مطلع الألفية الجديدة فريقاً قوياً عندما حقق خماسية تاريخية بقيادة المدرب الفرنسي جيرار أوييه، لكن ظروفاً عدة أدّت دورها في عدم قدرة «ستيفي» على تحقيق مبتغاه، ولعل أبرزها الحسابات الخاطئة للمدربين المتعاقبين على الفريق، الذين لم يعرفوا كيفية خلق توليفة مناسبة حول القائد الموهوب، الذي بلغ قمة مستواه في 2005 عندما أدى دوراً رئيسياً في تتويج ليفربول بدوري الأبطال، ووقف بين افضل ثلاثة لاعبين في اوروبا عند اختيار الفائز بالكرة الذهبية، حيث حلّ ثالثاً عامذاك.
وفي موازاة إصراره على تحقيق حلمه المحلي، سعى جيرارد دائماً ليكون إحدى ركائز المنتخب الإنكليزي، وقد فاقت خيباته على الساحة الدولية تلك التي واجهها تباعاً في الدوري المحلي مع ناديه. وبعد 90 مباراة دولية (سجل خلالها 19 هدفاً) وعلى مشارف كأس اوروبا 2012، وقف جيرارد متأملاً الكثير، أولاً دخول نادي المئة الى جانب عظماء الكرة الإنكليزية، ثم الفوز باللقب القاري الصيف المقبل.
أما آخر ما أمله، فهو ارتداء شارة كابتن منتخب «الأسود الثلاثة» إثر انتزاع الاتحاد الانكليزي إياها من جون تيري، وهي نقطة كانت ستعطيه دفعة معنوية كبيرة للعودة الى أعلى مستوى، بعدما تأثر بإصابتين تركتا انطباعاً أنه لم يعد ذاك اللاعب الذي يمكنه صناعة الفارق في أي لحظة، وهو غاب عن بداية الموسم الجديد بسبب تجدد إصابة في الفخذ، ثم ابتعد فترة لا بأس بها لإصابته في الكاحل، وإذ عاد ليرفع كأس رابطة الأندية الإنكليزية المحترفة الأحد الماضي (هو اللقب الـ 11 في مسيرته) فإنه صدم جمهوره نوعاً ما بإهداره أول ركلة ترجيحية أمام كارديف سيتي. أضف إنه خرج بعد نصف ساعة على بداية اللقاء الودي لإنكلترا مع هولندا الأربعاء الماضي متأثراً بالإصابة مجدداً...
الإصابات التي طاولت جيرارد وأرهقته، وعدم موافقة المدرب المؤقت للمنتخب الإنكليزي ستيوارت بيرس على منحه شارة الكابتن، هي أسباب كافية لدفع جيرارد نحو الاعتزال الدولي، وذلك من اجل أن يكون في جهوزية افضل في سعيه الى بلوغ الحلم القديم، أي الفوز بلقب الدوري.
وبطبيعة الحال، لم يكن مشوار جيرارد مع المنتخب يوازي قيمته الحقيقية، إذ إن الإصابة في الفخذ أبعدته عن مونديال 2002 مثلاً، وهو في السنة الماضية لم يلعب أيّ مباراة مع المنتخب الوطني، وقد جاءته الضربة الأخيرة المتمثلة باختيار لاعب وسط توتنهام هوتسبر سكوت باركر قائداً للمنتخب، لتضيف فصلاً آخر إلى مآسيه بالقميص الابيض.
من هنا، ليس هناك ما يفعله جيرارد لتغيير الماضي، لكنه بالتأكيد قادر على إنجاح الحقبة المستقبلية، وبالتالي فإن السيناريو المثالي هو بلوغ المباراة الرقم 100 مع انكلترا، ثم اعلان الاعتزال دولياً بعد كأس أوروبا ليتفرغ لناديه، الذي يبدو أنه وجهته النهائية، واللعب اكبر قدر من المباريات، وحصد أكبر كمٍّ من الألقاب قبل نهاية عقده في 2014، وخصوصاً أن هناك الكثير من التحليلات التي أكدت أن عمره قصير في الملاعب بالنظر الى أن الإصابات التي تعرّض لها لم تكن بمستوى متدنٍّ لناحية خطورتها.



الكابتن المثالي لإنكلترا


لا يوافق كثيرون على أن المدرب ستيوارت بيرس اختار اللاعب الأفضل لحمل شارة القيادة مع منتخب إنكلترا؛ إذ قال الهولندي ديرك كويت زميل ستيفن جيرارد في ليفربول، إن الأخير «هو الخيار الأصح. لديه الشخصية وكل شيء يتمتع به القائد. بالتأكيد يعود القرار للمدرب، لكن ستيفن هو الكابتن المثالي لليفربول ومنتخب إنكلترا».