يبدو صعباً عدم التفكير في أن مانشستر سيتي فقد لقب الـ«برميير ليغ» بعدما كان مرشحاً قوياً لخطفه من جاره مانشستر يونايتد في نهاية الموسم الحالي. نقطتان فقدهما الـ«سيتيزنس» على أرضهم امام سندرلاند (3-3)، ليجعلوا الملايين التي دفعها مالكو النادي الاماراتيون في مهب التبخّر من دون نتيجة، لا بل ليضعوا جمهورهم الكبير في وضعٍ نفسي صعب ولسان حالهم يسأل عن الشيء الذي يحتاج إليه الفريق لكي يصبح بطلاً لإنكلترا. ربما الاجابة عن هذا السؤال تأتي من خلال بعض اللمحات التي شهدها متابعو اللقاء من مدرجات «سيتي أوف مانشستر ستاديوم» وعبر شاشات التلفزة، والتي أظهرت مجدداً ان الفريق يحتاج الى إعادة نظر في بنيته وسط التباعد الذهني والانضباطي بين اللاعبين، وما يطلبه المدرب الايطالي روبرتو مانشيني. وقبل الغوص في المشاهد التي مثّلت مفترقاً في المباراة، لا بد من التوقف عند ظهور اللاعبين متعبين وغير خلاّقين وغير مندفعين لمقابلة تصريح مانشيني الذي كان واضحاً عندما قال إنه يفترض بفريقه الفوز بكل مبارياته الباقية حتى يحتفل باللقب، وهو أمر لا يبدو انه يستطيع تحقيقه، لأنه ظهر مجدداً قصير النفَس ولا يملك روحية البطل الذي عادة ما ينتفض في الأمتار الاخيرة ليعتلي منصة التتويج.
الضغوط تزداد على الفريق الازرق السماوي، وستكبر الليلة في حال رفع يونايتد الفارق الذي يفصلهما الى خمس نقاط. لذا، بعدما كان الامر في أيديهم أصبح معلقاً بأقدام لاعبي بلاكبيرن، والأمل فقط باقتناص الأخير نقطة من «الشياطين الحمر»، ولو أن أشد المتفائلين لا يرى أن هذا الأمر قابل للتحقيق، لأن فريقاً يملك مدرباً مثل «السير» أليكس فيرغيسون يكون عادة متمتعاً بقدرة ذهنية أعلى لتحقيق المطلوب، وهذا ما ثبت في كل الحملات الناجحة للاسكوتلندي منذ قيادته فريقه للقب الأول من أصل 12 في موسم 1992-1993.
نعم، مانشستر سيتي لن يتمكن من الظفر باللقب لأن مانشيني لم يتمكن من ادخال اللاعبين ضمن منهجية عمل تكبح غريزتهم الصبيانية على ارض الملعب أو تلك التي تجعلهم يتعاملون بأهمية اكبر مع اللقاءات المهمة.
الايطالي ماريو بالوتيللي مثلاً سجل هدفين في اللقاء، لكنه أحدث جلبة على ارض الملعب بعدما أصرّ على انتزاع الكرة من زميله الصربي الكسندر كولاروف من أجل تنفيذ ركلة حرة، حتى تدخل الكابتن البلجيكي فنسان كومباني وحسم الأمر لمصلحة الأخير المتخصص في هذه الكرات. وبالفعل أراد مانشيني استبدال مواطنه، لكن الحلول أمامه كانت قليلة، إذ أراد زرع المزيد من المهاجمين في الملعب للخروج بأفضل نتيجة ممكنة، وخصوصاً أن خياره الهجومي الوحيد كان المهاجم الارجنتيني العائد كارلوس تيفيز الذي لم يصل الى الجهوزية الكاملة حتى الآن.
من هنا كان تصريح مانشيني واضحاً بعد اللقاء، إذ قال: «لو كان (الأرجنتيني) سيرجيو أغويرو معنا لكنّا فزنا في اللقاء». وأضاف: «ماريو لم يلعب جيداً. في مباراة كهذه يفترض ان يصنع المهاجمون الفارق، لكن ليس فقط في الدقائق الاخيرة».
وأياً يكن من أمر، فإن مانشيني افتقد فعلاً أغويرو، وخصوصاً ان الإحصاءات التي سبقت اللقاء وأكدت لعب بالوتيللي والبوسني جنباً الى جنب في الهجوم، أشارت الى أن الثنائي لا يعرف أحدهما الآخر جيداً على ارض الملعب، إذ لعبا معاً بشكلٍ اساسي في أربع مباريات فقط هذا الموسم، والمفارقة أن سيتي لم يفز اطلاقاً في هذه المباريات!
وبعيداً عن الهجوم، اضطر مانشيني الى إخراج القلب النابض للفريق في بداية الموسم الاسباني دافيد سيلفا من الملعب، بعدما هبط مستواه البدني بشكلٍ رهيب فور بداية الشوط الثاني. وينطبق الامر عينه على الدولي جيمس ميلنر الذي قدّم إحدى أسوأ مبارياته هذا الموسم، فقد أطفأه الايرلندي جيمس ماكلين، وهو يتحمّل مسؤولية الهدفين الأولين اللذين سجلهما سندرلاند.
وهنا بدت اللُحمة أيضاً مفقودة في صفوف سيتي، إذ أبدى ميلنر غضبه عندما استبدله مانشيني، ليضيف سيناريو سيئاً آخر إلى هذه المباراة التي بدا في ختامها الايطالي كأنه مستسلم لقدر خسارة السباق الى اللقب، إذ حتى لم يتحرك من مقعده عندما سجل بالوتيللي الهدف الثاني، مكتفياً بهزّ رأسه كأنه غير راضٍ!
6-1 كانت نتيجة فوز سيتي على يونايتد في مواجهتهما المباشرة الأولى هذا الموسم. نتيجة يتغنّى بها يومياً الزرق في المدينة الانكليزية الشمالية، لكنها ستصبح بلا قيمة في حال بقي اللقب في «أولد ترافورد».



الليلة يحسم اللقب؟

«ستكون الأمور صعبة من الآن وصاعداً لأن كل حظوظنا متعلقة بمباراة الليلة بين مانشستر يونايتد وبلاكبيرن روفرز». تصريح يشير الى مدى سوء الحالة النفسية التي وصل إليها روبرتو مانشيني الذي في حال فوزه على الفريق الغريم سيكون عليه عدم التفريط بأي نقطة حتى نهاية الموسم، آملاً تعثر «الشياطين الحمر» على الأقل بتعادلين قبل موقعتهما المرتقبة أواخر الشهر الجاري.