فرح عارم وحسرة كبيرة في آن معاً طغيا على العاصمة الأرجنتينية بيونيس ايريس وذلك على خلفية احتفالات قطبها الأول بوكا جونيورز بتتويجه بطلاً للدوري «آبرتورا 2011» بعد غياب لثلاث سنوات، فيما اكتفى القطب الآخر للعاصمة والغريم التقليدي في «إل سوبر كلاسيكو» ريفر بلايت بمتابعة فرحة جماهير البوكا وهو يقبع في الدرجة الثانية. ولم تختف مشاهد الكراهية في شوارع العاصمة، وتحديداً حي «لا بوكا» معقل الفريق تجاه الغريم التقليدي، حيث ذبحوا عدداً كبيراً من الدجاجات ورموا الريش في الطريق، وهذا من الطقوس التي يمارسها جمهور البوكا تجاه «أعدائهم». ويمثل الصراع بين القطبين صراعاً بين الطبقات الشعبية، إذ إن «لوس خينييزيس» يعدّ نادي الشعب ومعقله ملعب «لا بومبنييرا» أي قطعة الحلوى، فيما يعد الريفر نادي المليونيرات وهو أحد ألقابه في ثلاثينيات القرن الماضي ومعقله ملعب «مونيمنتال».
ولم تأت عودة البوكا عادية بل بأرقام قياسية يقلّ نظيرها عادة في بطولة مثل دوري التانغو الصعب جداً، حيث تصدر الفريق الترتيب النهائي للبطولة برصيد 43 نقطة من 19 مباراة وبفارق 12 نقطة عن أقرب ملاحقيه وهو راسينغ كلوب، إضافة الى قوتين: هجومية بتسجيل لاعبيه 25 هدفاً، ودفاعية بتلقي شباكه ستة أهداف فقط، إذ فازوا بـ 12 مباراة وتعادلوا في 7 ومن دون أي خسارة.
ويدين الفريق الأزرق والأصفر لقائده و«مهندس» خط وسطه خوان رومان ريكيلمي الذي قاد الفريق في الملعب ومن خارجه المدرب خوليو سيزار فالكيوني الذي عمل على إعادة تجميع فريق قوي إثر سلسلة من الخيبات منذ ثلاث سنوات أبعدت الفريق عن منصات التتويج. وأشار فالكيوني الى أن أساس العمل مع الفريق كان في كيفية الاستفادة من اللاعبين الموجودين وأن المرحلة المقبلة ستشهد تجهيز جيل جديد يضمن الاستمرارية، وخصوصاً أن «بوكا» كان ولا يزال أحد أبرز الأندية في العالم التي تصنع وتخرج النجوم. ورأى أن النادي حالياً في وضع جيد والفترة المقبلة ستكون العمل لاستعادة زعامة قارة أميركا الجنوبية والتتويج بكأس الليبر تادوريس التي على حد قوله «تعشق البوكا وهو يعشقها».
ولا شك أن البوكا سيكون أمام امتحان، إذ إن معدل أعمار لاعبيه المحليين مرتفع (31 سنة) وكان قبل انطلاق البطولة قد ودّع مهاجمه العملاق مارتن باليرمو (37 سنة)، وبعد البطولة الحالية قد يعتزل المدافع رولاندو شيافي (38 سنة)، وأصغر لاعبيه الحاليين هو الجناح الأيسر نيكولاس كولازو (21 سنة) والذي بات محط أنظار النوادي الأوروبية. وتأكد بعد تتويج «ملك الكؤوس» أن قائده الفذ ريكيلمي لا يزال من أبرز ركائز الكرة الأرجنتينية، إذ إنه يتمتع بمستوى ثاقب في مركز صانع الألعاب، وهذا ما لم يستفد منه منتخب «تانغو» بعد الخلاف الذي نشب بين المدير الفني السابق الأسطورة دييغو مارادونا والذي هو في الوقت عينه أحد أهم رموز بوكا جونيورز». وسيكون المدرب الحالي للأرجنتين أليخاندرو سابيلا تحت ضغط استدعائه، وخصوصاً أن ريكيلمي ممكن أن يشكل النصف الثاني لليونيل ميسي مع المنتخب، كما يمثل له تشافي هرنانديز مع برشلونة.