عاد الكلام عن تأثير اللاعبين الأجانب في نتائج فرقهم إلى الواجهة مجدداً انطلاقاً من المباراة التي فاز فيها النجمة على الصفاء (2-1)، في افتتاح الجولة السابعة لسداسية الأوائل في الدوري اللبناني لكرة القدم أمس الخميس، ليتقدّم إلى الوصافة مؤقتاً متقدّماً على العهد بفارق نقطتين قبل لقاء حامل اللقب اليوم الساعة 15.00 مع البرج في جونية، وليقف خلف غريمه الأنصار المتصدّر بفارق نقطةٍ واحدة قبل مواجهته مع الراسينغ السبت الساعة 16.00 على الملعب عينه.هذا الكلام يأتي في محله هذه المرّة، إذ إن اللقاء بين «النبيذي» و«العميد» كشف ضعفاً واضحاً في العنصر الأجنبي عند الطرفين اللذين دفعا بلا شك ثمن هذه المعضلة، ما أثّر بشكلٍ أو بآخر على وضعهما في أكثر من مباراة، وباتت حظوظهما لإحراز اللقب متفاوتة ومتأرجحة ومرتبطة بلا شك بقدرة اللاعبين المحليين على إحداث الفارق وقيادة كلٍّ منهما إلى الانتصارات.
هو أمرٌ حصل في اللقاء الثالث بينهما هذا الموسم بعد الأول افتتاحاً وفاز فيه النجمة بثلاثيةٍ نظيفة، والآخر في السداسية وحسمه الصفاء لمصلحته بهدفٍ عكسي نجماوي.
وفي هذه المواجهة المتجدّدة التي أقيمت على ملعب مجمع الرئيس فؤاد شهاب الرياضي في جونية، كان كاتب الانتصار النجماوي الجناح المتألق ربيع عطايا الذي سجّل الهدف الأول في الدقيقة 13، ومن ثم أهدى زميله خليل بدر الهدف الثاني في الدقيقة 73 بعد مجهودٍ فردي رائع، بينما حمل هدف الصفاء اسم لاعبٍ محلي أيضاً وهو محمد قدوح في الدقيقة 80 بعد انطلاقةٍ فردية ومراوغة وتسديدة من داخل منطقة الجزاء.
شكل الأهداف ونوعيتها تركا انطباعاً واضحاً بأن الكثير من العناصر المحليين هم أفضل من نظرائهم الأجانب في فرقهم، وهم القادرون على حملها في المراحل الحاسمة، لكن الأفضلية لا بدّ أن تصبّ في هذه المراحل بالتحديد إلى جانب الفرق التي تملك عناصر محليين مميّزين وآخرين حاسمين، تماماً كما بدا الأمر عليه لدى فريقي الأنصار والعهد تحديداً حيث تقاسم المحليون والأجانب أدوار البطولة في محطاتٍ عدة.
الأفضلية في المراحل الحساسة هي لمن يملك محليين مميّزين وأجانب حاسمين


من هنا، كان بالإمكان تخيّل وضع النجمة أفضل بكثير لو حالفه التوفيق في ما خصّ لاعبيه الأجانب، والأمر عينه ينطبق على الصفاء الذي يملك تشكيلةً محلية ممتازة مدعّمة باحتياطٍ جيّد. لكنّ الفريقين اعتمدا في مواجهة فكّ الارتباط بينهما على فعّالية اللاعبين اللبنانيين لدرجةٍ بدا وكأن المباراة تقام بينهم فقط، وذلك وسط الخيارات الفنية التي وضعت البرازيلي إفرتون ناسيمنتو والبرتغالي فيتور باراتا (العائد حديثاً من الإصابة) على مقعد البدلاء النجماويين، وذلك في موازاة غياب أفضل أجانب الفريق منذ انطلاق السداسية وهو قلب الدفاع المولدوفي أرتيوم ليتفياكوف، فكان الجورجي جيورجي كانتاريا الأجنبي الوحيد في التشكيلة الأساسية، حيث قدّم أداءً مقبولاً لكن لا يرتقي إلى مستوى حمل الفريق على كتفيه.
أما من الناحية الصفاوية، فغاب المهاجم المونتينغري دانين تالوفيتش بسبب تراكم الإنذارات، وهو الذي سجّل في مباراتيه الأخيرتين بعد عناء غير قصير للاعتياد على أجواء الدوري اللبناني. أما زميله الألماني سيباستيان ياكوبياك فابتعد بسبب الإصابة التي أخرجت الهولندي يوهان كابلهوف قبل نهاية الشوط الأول، ليبقى الألماني الآخر أرنولد سوو على أرض الملعب ويتمّ استبداله في النصف الثاني من اللقاء.
وربما كان أداء سوو الضعيف أكبر دليلٍ على أنه لا يمكن الاعتماد على العنصر الأجنبي بشكلٍ مطلق، إذ لم يقدّم هذا اللاعب أي شيء يُذكر أو يمكن أن يترك انطباعاً بأنه سيتمكن من إحداث الفارق في ما تبقّى من مراحل الموسم، وهو الذي كان قد بدأه مع الصفاء لكنه لم يخرج يوماً على وقع تصفيقٍ حار.
بكل الأحوال قد يكون كافياً التعاقد مع لاعبٍ محلي واحد صاحب مستوى رفيع لتميل الكفة إلى أي فريق، فالفارق بين النجمة والصفاء كان لاعباً واحداً لناحية الفعالية، وهو عطايا الذي بدا أنه لم يخسر شيئاً من المستوى الذي أطلقه نجماً في سماء الكرة اللبنانية حتى أصبح أحد أبرز الأسماء فيها. هو يستمتع اليوم بارتداء قميص النجمة، ثالث الفرق الكبرى التي يدافع عن ألوانها. وطبعاً يستمتع أكثر بشغله مركزه المفضّل على الجناح الأيمن حيث يرهق المدافعين الخصوم ويخلق لهم مشاكل جمّة. هي ميزات لا تجدها كل يوم في ملاعب الدوري وحتى في صفوف المنتخب الوطني الذي ستكون أبوابه مشرّعة أمامه مرّة جديدة إذا ما واظب على الاستمرار في رسم اللوحات الفنية الممتعة وتسجيل الأهداف المهمة لفريقه الذي يمكن أن يعتبره صفقة الموسم ولو كان تفعيلها متأخراً.