منذ عام 2004 وحتى اليوم تغيّر الكثير في كرة السلة اللبنانية، وتغيّر أيضاً الحديث عن حظوظ نادي الحكمة في الفوز بلقب بطولة لبنان مقارنةً بما كان الأمر عليه قبل 20 عاماً.بالفعل هذه هي المدة التي بقي فيها النادي الأخضر الشعبي من دون لقب البطولة، وطوال هذه المدة تقاطع اسمٌ واحدٌ مع كل حديثٍ حاكى مسألة اختيار المدرب الأفضل للإشراف على «الأخضر»، فكان الاسم المشترك واحداً في كل الأحاديث: اليوناني إيلياس زوروس.
وبالتأكيد ليس بالغريب أن يحضر اسم هذا المدرب غالباً في حنين الحكماويين إلى الأمجاد، فهو ببساطة الرجل الذي قادهم إلى اللقب الأخير الذي بقي عصياً على الحكمة منذ رحيله، وهو الذي منحهم رقماً قياسياً خارجياً في بطولة آسيا بقيادتهم إلى حمل الكأس القارية للمرة الثالثة في تاريخهم.
وكما أسلفنا تبدّلت الأمور والأحوال كثيراً مذَّاك الإنجاز الذي حمل كأس البطولة إلى الأشرفية للمرة الثامنة، وتبدّل شكل زوروس من مدربٍ شاب كان يبلغ من العمر وقتذاك 38 عاماً، إلى رجلٍ قارب الستينيات ويلفّ رأسه الشعر الأبيض، لكن في نفس الوقت باتت الخبرة الواسعة تلف أفكار اليوناني الذي أعاده الحنين إلى الحكمة بعد العرض المغري الذي قدّمته الإدارة له، فعاد ليبثّ الأمل في نفوس الجمهور الأخضر الذي ينتظر عودة الأفراح إليه بشغفٍ وحماسة.

عائدٌ بخبرةٍ أكبر
لكن عندما أطلّ اسم زوروس لخلافة جاد الحاج المنتقل إلى تدريب نادي المحرّق والمنتخب البحريني، توقّف البعض عند هذا الاختيار معتقدين بأن صلاحية أفكار اليوناني يمكن أن تكون قد انتهت.
أما الحقيقة فهي مختلفة تماماً، إذ إنه عند وصول زوروس إلى الحكمة في موسم 2003-2004 لم يكن قد درّب سوى أولمبياكوس لمدة عامين، بعدما قضى 14 عاماً متنقّلاً بين تدريب الفئات العمرية أو كأقصى حدّ متولّياً دور المدرب المساعد في فرقٍ محلية.
أما في المرحلة التي تلت رحيله عن الحكمة فقد نشط زوروس في أكثر من بلد وعلى أعلى مستوى إن كان على صعيد تدريب الأندية أو المنتخبات، فهو ترك بلاده مجدداً وذهب إلى فرنسا لتدريب باريس باسكت راسينغ وباريس - ليفالوا باسكت، ومن ثم عاد إلى اليونان وانطلق منها إلى ليتوانيا للإشراف على واحدٍ من أشهر الفرق الأوروبية وهو زالغيريس الليتواني الذي فاز معه باللقبين المحليين ولقب بطولة البلطيق.
كان زوروس آخر من قاد الحكمة إلى لقبَي بطولتَي لبنان وآسيا قبل 20 عاماً


وبين هذه الجولات التي أخذته إلى تركيا ومونتينغرو أيضاً، تولّى الإشراف على المنتخب اليوناني، وأيضاً على منتخب جورجيا لمدة 8 أعوام انتهت العام الماضي بعد قيادته إلى نهائيات كأس العالم للمرة الأولى في تاريخه. كما حاز في عام 2010 على جائزة مدرب العام في كأس أوروبا، قبل أن تكون محطته الأخيرة مع أحد أكبر الأندية في بلاده وهو أيك أثينا.

«الأخضر» يجهّز فريقاً أقوى
الآن سيأتي زوروس آخر بالشكل والمضمون، ولِمَ لا يكون السبب مجدداً في إيصال الحكمة إلى أعلى مرتبةٍ محلية، ليعود سفيراً ناجحاً لكرة السلة خارجياً.
عناوين يمكن طرحها استناداً إلى انطلاق النادي الأخضر نحو سوق الانتقالات بشكلٍ سريع فور نهاية الموسم، بحيث شرع في إبرام التعاقدات، فحُكي عن ضمّه لاثنين من نجوم فريق هومنتمن هما الدوليان جاد خليل وجيرار حديديان، إضافةً إلى مارك خوري وجو أبي خرس (مع الأخذ في الاعتبار لائحة النخبة)، وعن تجديد تعاقده مع نجومه أحمد إبراهيم، عمر جمال الدين، مارك خويري وعزيز عبد المسيح؟

ماذا يعني هذا الأمر؟
ببساطة، سيصل زوروس ليجد بانتظاره فريقاً متجانساً ويتمتع بكيميائية كبيرة، إضافةً إلى لاعبين شبان أقوياء لكنهم يملكون الخبرة اللازمة للتعامل مع الضغوط والمنافسة على أعلى مستوى، وخصوصاً أنهم اختبروا أصعب أمرٍ ممكن في مسيرتهم حتى هذه اللحظة، وهو خوض نهائي بطولة لبنان أمام الفريق الأقوى قطعاً وهو الرياضي الذي تُوّج مجدداً على عرش اللعبة بعد نهائي مشهود ترك خلاله الحكمة أكثر من مؤشرٍ إلى أنه يمكنه الفوز بالبطولة في السنة المقبلة، وذلك بعدما اتّعظ من تجارب الماضي وعلى رأسها تجميع الفريق في اللحظات الأخيرة، والتبديل الكثير للأجانب الذين نجحوا بعدها، فكانت المطالبات أخيراً ببقاء الثنائي الأميركي جوناثان غيبسون وكلاي أنطوني إيرلي والصربي نيكولا راكوسيفيتش.
الحكمة عائدٌ حتماً بشكلٍ أقوى، إذ تكفي عودة زوروس للتأكد بأن شكل الفريق وأوضاعه الفنية سيكون كل ذلك مثالياً.