إسبانيا | لطالما كان قائد نادي ريال مدريد والمنتخب الإسباني سيرخيو راموس محطّ انتقاد الصحافة بسبب تصريحاته اللافتة وتدخلاته القاسية داخل الملعب، والتي كثُرت في الآونة الأخيرة. تدخّل راموس على محمد صلاح في نهائي النسخة الأخيرة من دوري أبطال أوروبا الذي أدى إلى خروج «الفرعون» المصري مُصاباً من الملعب، ولّد موجة ردود فعل واسعة على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي كان مصدرها الصحافة العربية والإنكليزية ضد راموس. هذا الأمر اضطر المدافع الإسباني إلى تغيير رقم هاتفه بعد التهديدات التي تلقاها هو وعائلته. لم تمحُ أحداث كأس العالم هذه الحملة العالمية ضد قائد الملكي، وخاصةً بعد خروج كريستيانو وتحوله إلى رجل النادي الأول. هذه الحملة العالميّة، تحوّلت إلى إسبانيّة بحت هذا الموسم، فاستغل بعض الصحافيين الحالة الصعبة التي يمر بها الفريق ليرموا بسهامهم على قائده. أداء راموس لم يسعفه على الإطلاق، بل زاد الطين بِلة. أخطاء كارثيّة ونتائج سلبيّة للفريق صوّبت الانتقادات نحوه وزادت من قسوتها، لكن هذه المرة وعلى غير العادة أتت من داخل البيت الأبيض! جمهور البرنابيو ليس الألطف من بين الجماهير، بل معروف بقسوته على لاعبيه وإدارته وتطلّبه الدائم منهم. فحتى كريستيانو رونالدو، «أعظم» لاعبي «الملكي» خلال السنوات الأخيرة، أخذ نصيبه من صافرات البرنابيو عندما كان يمرّ بفترات جفاف تهديفي. مباراة ريال مدريد أمام بلد الوليد شهدت حادثة فريدة من نوعها في البرنابيو، فبينما كان راموس يتوجه لتسديد ركلة الجزاء التي تحصّل عليها فريقه، سُمعت صافرات استجهان في زوايا عدة من الملعب. شريحة من «المدريديستا» عبّرت عن امتعاضها من تصرفات القائد. ولعل هذه الشريحة تعكس أيضاً آراء بعض أعضاء مجلس الإدارة الذين بدأوا يشتكون من الامتيازات التي يحصل عليها راموس، والتي برأيهم، تتخطّى صلاحياته كلاعب أو حتى كقائد للفريق. ونتحدث هنا عن دور راموس المفصلي في جلب لوبيتيغي مثلاً، أو مساعدته زميله لوكاس فاسكيز على الحصول على دقائق أكثر من اللعب، وتدخلات من هذا القبيل. لم يفهم الصحافي المدريدي الشهير توماس رونسيرو هذه الصافرات، ووصفها بـ«غير المبررة». حاله حال خوسي لويس سانشيز، صحافي قناة «لا سيكستا» الموثوق جداً، والذي يعتبر أن راموس يخوض الآن حرب بقاء مهمة، فهناك من يريده خارج المنتخب والفريق. ويعتقد سانشيز أن هذه الحملة التي شنّتها الصحافة الكتالونيّة والمدريديّة المعادِية للريال، أي أنصار أتلتيكو مدريد، سببها الدقيقة الـ93 في لشبونة، حين سجل راموس رأسيّة التعادل التي ساهمت بفوز الريال بلقبه القاري العاشر. ويعلل سانشيز رأيه في مقاله في صحيفة «لا راثون»، حيث يشرح أن قسماً كبيراً من هذا الإعلام له مصلحة في أذية رمز النادي الملكي، الذي كان حجر أساس هذه الحقبة الناجحة التي عاشها الفريق، والتي أوجعت خصومه.
غيّر راموس رقم هاتفه بسبب التهديدات التي تلقاها


أما في المقلب الثاني، فللمنتقدين حججٌ محقة، فراموس أكثر لاعب تحصّل على بطاقات حمراء في تاريخ الدوري الإسباني ودوري الأبطال. ناهيك عن تدخلات قاسية ازدادت وتيرتها في الآونة الأخيرة، لربما مع تراجع مستواه. ولكن هل هذا هو السبب الحقيقي وراء الحملة ضده؟ لماذا لا تشن حملات مشابهة على دييغو كوستا أو لويس سواريز مثلاً؟ أسئلة تعود بنا إلى التفكير بالغايات والمصالح المبطنة وراء كل مقال يُكتب، وكل تقرير يُعدّ. ولكن في الإطار ذاته لا يمكن التغاضي عن كيفية تعاطي راموس مع بعض زملائه في الفريق، والتي كان آخرها الاعتداء بالضرب بالكرة على زميله في النادي سيرخيو ريخيلون أمام باقي أعضاء الفريق.
إدارة ريال مدريد لم تقف مكتوفة الأيدي حيال الأمر، ولكنها أيضاً لم تخرج للدفاع عن القائد بشراسة، بل اكتفت ببعض الصور لراموس على حسابات النادي الرسمية، مرفقة بتعليقات لطيفة. الصحافي الاستقصائي إدواردو إيندا، مدير صحيفة ماركا السابق ورئيس موقع أوك دياريو الحالي، أشار في إطلالته على برنامج التشيرنغيتو على قناة ميغا، إلى أنّ راموس غاضب من رد فعل النادي. ووصف إيندا الوضع حرفياً كالآتي: «راموس في حرب باردة، باردة جداً، مع ريال مدريد». ويعتبر راموس، وبحسب الصحافي الشهير، أنّ النادي لم يهب للدفاع عنه كما يستحق، فهو من يخرج للمواجهة في الأوقات الصعبة.
إذاً، يُجمع الصحافيون المدريديون المقرّبون من البيت الأبيض أنّ راموس الآن في معركة جدية ضد بعض وسائل الإعلام والإداريين، فهل ينجح في إسكات أفواه منتقديه كما فعل في السنوات الماضية؟ أم أن العاصفة ستكون أقوى منه هذه المرّة. ويبدو أن الاحتمال الأخير هو الأكبر، أقلّه اليوم. فكلام راموس في المؤتمر الصحافي للمنتخب يخبئ في طياته بعض الخوف. وقال راموس: «إذا انقلبت جماهير سانتياغو بيرنابيو ضدك، فهذا يعني أمراً واحداً، هم يريدونك أن تقدم أفضل ما لديك. لقد نالت صافرات الاستهجان من أساطير كثر في السابق، وهذا أمر طبيعي، ولن آخذ هذه الانتقادات بطريقة شخصية».