في الصيف الماضي، وقّعَ نادي تشيلسي الإنكليزي مع مهاجم فياريال حينها، السنغالي نيكولاس جاكسون. خطوة ضخمة في مسيرة ابن الـ 21 عاماً جاءت بمثابة المكافأة بعد سنواتٍ من النضال داخل وخارج الملاعب.
انطلاقة اللاعب كانت في شوارع زيغينشور، جنوب السنغال، حيث نشأ. هناك، شاركَ جاكسون أصدقاءه حب اللعبة، كما صرّح لصحيفة «ذا تلغراف».

كان يلعب بحذاء المدرسة أو حافي القدمين، لأن أحذية كرة القدم «باهظة الثمن». وعندما بلغَ 16 عاماً، حصلَ على حذائه الكروي الأول، مموّلاً من عرق والدته المزارعة التي آمنت به، والتي لن يتمكّن من «سداد فضلها عليه مهما حاول»، كما صرّح اللاعب. مع ذلك، استغرق جاكسون وقتاً حتى يدشّن حذاءه «المستعمل»، ليس بهدف تذخيرهِ لمباراةٍ مهمة ضد أبناء القرية المجاورة، بل لأنه، وببساطة، اعتادَ اللعب بقدميه العاريتين.

اسم أسطورة طفولته، كريستيانو رونالدو، رافق جاكسون على القميص الذي كان يرتديه دائماً، مكتوباً بخط يده، إلى جانب رقم 7. ولم يتخيل السنغالي اليافع أن خلال بضع سنواتٍ، سيقلّد احتفالية قدوته البرتغالية «siuuu» بعد تسجيله ثلاثية أمام توتنهام.
عندما بلغَ 16 عاماً، حصلَ جاكسون على حذائه الكروي الأول مموّلاً من عرق والدته المزارعة


لكنّ الطريق لم يكن سهلاً إلى ستامفورد بريدج، حيث اتخذ جاكسون خطوات مصيرية لتحقيق حلمه بأن يصبح لاعب كرة قدم محترفاً.

تركَ الشاب السنغالي المدرسة في سن السادسة عشرة، على الرغم من أنه لم يلعب في إحدى أكاديميات السنغال لكرة القدم ولم يجذب اهتمام أي نادٍ محترف.

وبعد عام، تم اكتشافه عبر مهاجم فولهام السابق ديومانسي كامارا، لينضم، جاكسون البالغ من العمر 17 عاماً حينها، إلى كازا سبورتس، الذي يلعب في دوري الدرجة الأولى للمحترفين في السنغال، موسم 2018/2019. انتقل جاكسون بعدها إلى فياريال الإسباني قبل أن يوقّع مع تشيلسي مقابل 32 مليون جنيه إسترليني الصيف الماضي.

على خطى دروغبا؟

بصناعته هدف الافتتاح أمام ليستر سيتي أمس الأحد في كأس الاتحاد الإنكليزي، والذي ساهم، بالإضافة إلى أدائه اللافت طيلة المباراة، في تأهل تشيلسي إلى دور نصف النهائي من المسابقة، وصلَ جاكسون إلى هدفه الثاني عشر هذا الموسم في جميع المسابقات كما صنعَ 4 أهداف.

أرقام تتشابه إلى حدّ ما مع التي دوّنها «أسطورة» تشيلسي، الإيفواري ديدييه دروغبا، في أول موسم له مع تشيلسي (16 هدفاً في 41 مباراة)، والذي كافح بدوره ليصبح رمزاً لتشيلسي، وكرة القدم تباعاً، بعد بدايةٍ صعبة في ستامفورد بريدج.

في سن جاكسون، كان دروغبا لا يزال «يكدح» ضمن الدرجة الثانية من كرة القدم الفرنسية رفقة فريق لومان. تدرّجَ بعدها في أندية غينغام وماريسيليا قبل أن يستقدمه المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو عام 2004 إلى تشيلسي.

لم يصل دروغبا إلى أعلى مستوياته إلا بفعل العمل الجادّ والمثابرة، وهي صفات يتميز بها المهاجم السنغالي الصغير، نيكولاس جاكسون.

ولبلوغ القمة، ضاعفَ دروغبا جهوده في كل مرة كان يشتري فيها تشيلسي مهاجماً جديداً للتنافس معه أو استبداله، وفي كل مرة، تفوّق دروغبا على منافسيه وأنهى الموسم بين كبار الهدّافين وأفضل لاعبي القارة العجوز.

تصميم كبير يجب على جاكسون اتباعه، خاصةً أن تشيلسي يترقَّب نشاطاً في سوق الانتقالات الصيفي لاستقدام بعض اللاعبين، وينصبّ التركيز، حسب الوسط الرياضي الإنكليزي، على التوقيع مع مهاجم حاسم أمام المرمى.

لا يزال الحديث باكراً عن المقارنة بين اللاعبَين، لكن جاكسون، بإمكاناته وتصميمه، قد يكون قادراً على تحقيق ما أنجزه سلفه الإيفواري في السنوات المقبلة.