في وقت تضاربت فيه التصريحات الغربية خلال الأسبوعين الماضيين بشأن انسحاب القوات الأميركية من سوريا أو بقائها «لمدة طويلة»، نشرت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية تقريراً يؤكّد نية إدارة الرئيس دونالد ترامب سحب القوات من الأراضي السورية، على أن تحلّ محلها قواتٌ عربية.بحسب الصحيفة، تريد الإدارة الأميركية تجميع قوات عربية بغرض «تأمين الشمال السوري». في هذا السياق، اتصل مستشار ترامب للأمن القوي، جون بولتون، برئيس المخابرات المصرية بالوكالة، عباس كامل، للتحقق مما إذا كانت مصر تريد المساهمة في هذا الأمر. هذا الاتصال يأتي بعدما طلبت واشنطن من كلٍّ من السعودية وقطر والإمارات المساهمة بمليارات الدولارات «للمساعدة في إعادة تأهيل الشمال السوري». وبحسب مسؤولين أميركيين، تريد الإدارة الأميركية من هذه الدول أن ترسل قواتٍ أيضاً إلى تلك المنطقة.
بحسب التقرير الذي كتبه مايكل غوردن، قد تكون مهمة القوات الإقليمية «العمل مع المقاتلين الأكراد والعرب» المدعومين من قبل الولايات المتحدة.
لكنّ تظلّ رغبة مصر في تأييد خطوة كهذه في سوريا، غير واضحة، إذ إن صاحبة أحد أكبر الجيوش في المنطقة «منشغلة بقتال الفرع المحلي من تنظيم داعش (ولاية سيناء) في شبه جزيرة سيناء، وبتأمين الصحراء الواسعة على الحدود مع ليبيا».
في هذا الإطار، يشير التقرير إلى أنّه قلّما أرسلت مصر قوات إلى الخارج، منذ مشاركتها بـ30 ألف عسكري في التحالف الأميركي للقتال في العراق أثناء حرب الخليج عام 1991، لافتاً إلى أن الحكومة المصرية أصدرت أحياناً تصريحات تدعم السلطات في دمشق، على الرغم من أنها «لا تأخذ طرفاً في الصراع السوري»، بحسب التقرير.
«لدينا شركاؤنا القادرون على تحمل مسؤولية أكبر عن تأمين منطقتهم الأم»


ويعتقد التقرير أنه في حال عدم رغبة مصر بالمشاركة العسكرية، فبإمكانها المساعدة بطرق أخرى، عبر «تدريب المقاتلين السوريين خارج بلادهم مثلاً، وبالمساعدة اللوجستية».
بالإضافة إلى ذلك، صرح مسؤولون عسكريون للصحيفة بأنّه سيكون من الصعب إقناع الدول العربية بإرسال قواتها إلى سوريا، إذا كانت الولايات المتحدة تريد سحب قواتها بالكامل.
كذلك، أشارت الصحيفة إلى أن مبادرة واشنطن لتشكيل قوة عربية «جذبت انتباه» مؤسس الشركة الأمنية الخاصة «بلاك ووتر»، الذي قال إن مسؤولين من الدول العربية بحثوا معه أخيراً تشكيل قوة عربية تنتشر في سوريا، وأنه ينتظر الخطوات التي سيتخذها ترامب في هذا الاتجاه.
من جهته، ذكر موقع «ذي إكسبرس» البريطاني، أن ترامب أعرب مراراً عن قلقه المتزايد من كلفة التدخل العسكري في سوريا ومدته، قائلاً: «لدينا شركاؤنا القادرون على تحمل مسؤولية أكبر عن تأمين منطقتهم الأم، والمساهمة بمبالغ أكبر من المال». بحسب الموقع، «حذّر فريق كبير من النواب والسياسيين والعسكريين الأميركيين ترامب من الانسحاب من سوريا، معتبرين أنه سيكون خطأ قد يزعزع استقرار المنطقة، ويخلق فراغاً في الشمال السوري يمهّد للسيطرة الإيرانية أو عودة تنظيم داعش».
وكان ترامب قد كرّر نيته سحب القوات الأميركية من سوريا، في تناقضٍ مع تأكيد صادر عن الرئيس الفرنسي بأنه «أقنع» نظيره الأميركي بالبقاء لمدة طويلة في سوريا.
غير أن البيت الأبيض أعلن فجر أمس، أن الرئيس واضحٌ في «رغبته بعودة القوات الأميركية في أقرب وقت ممكن إلى الوطن». وعلى لسان المتحدثة باسم الرئاسة، ساره ساندرز، قالت الإدارة الأميركية إنها تتوقع أن يتحمّل «حلفاؤنا وشركاؤنا الإقليميون مسؤولية أكبر عسكرياً ومالياً من أجل تأمين المنطقة».